عودة الى الله في الزمن الاربعيني دخلت الكنيسة الكاثوليكية، هذا الأسبوع، زمن الصوم الأربعيني، امتثالاً بالسيد المسيح الذي بعد اعتماده في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، اقتاده الروح القدس في البرية أربعين يوماً يجرّبه فيها إبليس، وفي تلك الأيام صلّى وصام وتقشّف. أراد يسوع أن يخوض هذا الصِّراع بِاسْمِنا ولأجلنا جميعًا ليُعْلِمنا أننا نحن أيضًا، في فتراتِ معيَّنة، نحتاج إلى الصوم والصلاةِ وإلى فَحْصِ ضمائرِنا لنعرف ما إذا كنا نعيش في النور والحقيقة وفي روح المحبة، أو لعلّنا انقدنا وراء أفكار وعادات وشهوات تسلطت علينا، وباتت تحدّ من حريتنا الداخلية وتضر بعلاقاتنا مع بعضنا البعض. ألا زِلنا نصغي لصوتِ الله؟ أو لعلّ ضجة العالم أَصَمَّت آذاننا واجتاحت قلوبَنا رويداَ رويداَ. الصومُ الأربعيني هو وقت مميز تدعونا فيه الكنيسة إلى أن نعيش معًا زمن توبة واهتداء استعدادًا لعيد الفصح. ثلاث وسائل تعطينا إياها الكنيسة لعيش هذا الزمن المبارك هي: الصلاة، الصوم والأعمال الصالحة. هذه السنة البابا فرنسيس، في رسالته بمناسبة الصوم الأربعيني، إختارَ إنجيل التجلي لتوجيهنا وتغذية تأمّلاتنا في هذه الفترة. في حادثةِ التجلي، أخذ يسوع ثلاثةً من تلاميذه معه، وانفرد بهم على جبلٍ عالٍ. مثل بطرس ويعقوب ويوحنا، “نحن أيضاً مدعوّون في الزّمن الأربعيني إلى أن ”نَصعَد إلى جبلٍ عالٍ“ مع يسوع، لكي نعيش مع شعب الله المقدّس خبرة زُهدٍ خاصّة. زُهدُ الصَّوم هو التزام، تُحرّكُه النّعمة دائمًا، لكي نتغلّب على نَقصِ إيماننا وعلى مقاومتنا لاتّباع يسوع في مسيرة الصّليب”. على قمة الجبل، أُعطى يسوع تلاميذه “النّعمة لأن يَرَوه في مجده، مُشعًّا بنورٍ فائق الطّبيعة … جمال هذه الرّؤية كان يسمو بشكل لا يُضاهى أيّ جُهدٍ يمكن أن يكون الرّسل قد بذلوه في الصّعود إلى جبل طابور.” نحن أيضاَ نسأل الرب يسوع أن يزورَنا مجدداَ في زمن الصوم ويرينا بهاء مجده، رغم ضعفنا وخطايانا وعدم استحقاقنا؛ نسأله أيضاَ أن يجدد قوانا وعزيمتنا في طريق التوبة والتزهد لتكون قلوبنا جاهزة لقبول نعمته. بعد أن شاهد التلاميذُ يسوعَ متجلِّياً، سمعوا صوتاً من الغمامة يقول: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرتُ، فَلَهُ اسمَعوا”. ألزمن الأربعيني هو فُرصةٌ ذهبيّة لنجدد علاقتنا مع المسيح من خلال الاصغاء إليه وهو يكلِّمُنا. وكيف يُكَلِّمُنا ؟ أَوَّلاً في كلمة الله؛ لكن البابا فرنسيس يُذَكِّرُنا أن ” استماعنا إلى المسيح يمرّ أيضًا من خلال استماعنا إلى الإخوة والأخوات في الكنيسة”. دعائي إلى الله أن يكون الزمن الأربعيني لنا جميعاً، فرصةً لتوطيدِ علاقتِنا مع الله ولتجديدِ قدرتنا على الإصغاء لكلمة الله ولبعضِنا البعض، القُرَباء والبُعَداء. المطران رفيق نهرا النائب البطريركي اللاتيني في الجليل
236
previous post