Home أرشيف المركز2010 مطلوب وقفة حق إسلامية تلتقي مع وقفة الحق المسيحية

مطلوب وقفة حق إسلامية تلتقي مع وقفة الحق المسيحية

23 تشرين اول 2010

by mPeNDayu
212 views

ما زلت أنتظر نشر وثيقة حق أسلامية تلتقي مع وقفة الحق المسيحية، وهي الوثيقة التي أعدها ونشرها إخوتنا وشركاؤنا في هذا الوطن برآسة غبطة البطريك ميشيل صباح، وأرجو ألا يطول انتظاري، وآمل أن يقوم علماء المسلمين والمفتون وكل من يجد في نفسه المقدرة والاستطاعة على التفكير والبحث والتحري والتدقيق فيما جرى ويجري لنا ومن حولنا أن يقوم بواجبه ومن موقعه بالإدلاء برأيه خدمة لنا ولشعبنا ولقضيتنا العادلة، قضية تحقيق أمانينا في الحرية والسيادة والاستقلال.

آمل أن يقوم أصحاب الفكر والرأي وأصحاب القرار ومن لهم كلمة مسموعة ومؤثرة بالاجتماع للتداول والتحاور والبحث الجاد لإيجاد صيغة توصف واقعنا اعتماداً على ما حل بنا وما هو الواقع المعاش حالياً في فلسطين وفي بلدان الشتات، ليصل الصوت إلى كل فلسطيني أينما كان ويكون وهذا يساهم في تحقيق أهدافنا السامية.

من الواجب أن نقوم بهمة هي أسمى المهمات لأنها تتعلق بواقعنا، بحياتنا وبواقع حياة شعبنا وكياننا ومصيرنا، واجبنا أن نتفكر وأن نتدبر وأن نكون على مستوى الأحداث والتحديات، فالعمل كثير والوقت قليل وإذا لم نعمل لما يهمنا سوف ننشغل فيما لا يهمنا.

يجب أن لا نكتفي نحن المسلمين في هذه الديار بردود الأفعال على ما جرى ويجري من حولنا، بل يجب أن نبادر وأن نعمل وننتظر ردود الأفعال من غيرنا ممن يهمهم الأمر، والفعل أقوى وأبقى وذو تأثيراً أكبر من رد الفعل.

إنني أتمن عالياً وثيقة الحق التي هي كلمة الفلسطينيين المسيحيين للعالم حول ما يجري في فلسطين، هذه الوثيقة التي تتوجه إلى المجتمع الدولي وتطالبه بوقفة حق تجاه ما يواجهه الشعب الفلسطيني من ظلم وتشريد ومعاناة وتمييز عنصري واضح منذ أكثر من ستة عقود، إننا كمسلمين نتماهى مع هذا المطلب الحق العادل فلنرفع صوتنا مؤيدين ومساندين وداعمين لهذا النداء المدوُي، الذي نرجوا أن يصل إلى آذان المعنيين وأصحاب القرار أولاً ثم إلى إخوتنا في الإنسانية ثانياً، وربما قبل هذا وذاك إلى أبناء شعبنا العربي الفلسطيني المعني الأول في رفع الظلم عن كاهله لينعم مثل كل شعوب الأرض بالحرية والعدل والسلام الثابت والدائم الذي يحفظ له حياته وكيانه وأرضه ومقدُساته وتاريخه وتراثه وكل مكوناته.

وثيقة الحق المسيحية هي وثيقة إيمان وعمل، وهذا التزاوج بين الإيمان والعمل هو ما أوصانا به ربنا في أكثر من سبعين آية مباركة في القرآن الكريم حيث نجد الإيمان مقروناً بالعمل ولا نجد إيماناً منفصلاً أو مستقلاً عن العمل، وفي سورة العصر المباركة التي اعتبرها الشافعي كافية للمسلم إذا طبقها ونفُذها كما أمره الله يخاطب سبحانه وتعالى الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأوصى بعضهم بعضاً بالحق ولتحقيق الحق لا بدُ له من الصبر لأن إحقاق الحق وإزهاق الباطل ودحره ليس بالعمل السهل اليسير، لهذا فالمطلوب بعد أن نتواصى بالحق أن نستعين بالصبر لإحقاق الحق.

ألسنا مؤمنين مثلما جاء في الوثيقة المسيحية أن الحل الذي سيؤدي إلى السلام العادل والدائم يكون بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية ووضع حد لكل أشكال التمييز العنصري ضد أبناء شعبنا لتقوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

إذا دققنا في وثيقة المسيحيين فلا بد أننا سنجدها ملائمة ومناسبة لنا أيضاً لأن الخطاب الذي توجهه إلى كل محبي السلام في العالم هو نفسه الخطاب الذي نوجهه نحن إلى نفس العنوان.

يلاحظ واضعو الوثيقة وبحق أن أصحاب القرار في هذا العالم يكتفون بإدارة الأزمة بدل العمل الجدي في سبيل حلها، والتساؤلات التي لا تجد لها إجابات صحيحة ونافعة تعيد الحق إلى نصابه هي نفس التساؤلات التي يسألها كل فرد من أبناء شعبنا هنا وفي جميع أماكن تواجده.

ماذا تصنع الأسرة الدولية؟ الأسرة الدولية التي ضيعت بلادنا خاصة ً بعد الحرب العالمية الأولى وتقسيم شرقنا بين دول الاستعمار التي مزًقت الأوطان وقسمتها وجعلت أهلها شِيَعاً، ما زالت الأسرة الدولية تسير في نفس طريق فرًق تسد وتزيد الظلم ظلماً والمقهور قهراً والمظلوم ظلماً! وما زال الظالم يتجاهل كل القرارات الدولية والمواثيق والمعاهدات الإنسانية التي تُعنى بحقوق الإنسان وكلما تعلق الأمر بشعبنا العربي الفلسطيني فهذه المواثيق والعهود والمعاهدات والقرارات بقيت وما زالت حبراً على ورق دون تنفيذ، لأن التنفيذ يتطلب العزم والتصميم والقوة الفاعلة لتحقيقه على أرض الواقع.

ماذا تصنع القيادات السياسية في فلسطين وإسرائيل والعالم العربي؟

القيادات السياسية في فلسطين منقسمة على ذاتها ما زالت تتحسس طريقها وكلما أزالت عائقاً تكدُس في طريقها عراقيل وعقبات جديدة تتراكم منذ أكثر من ستين عاماً على ظلم شعبنا والتنكر لحقوقه الأساسية في البقاء والحياة الحرة الكريمة فوق تراب وطنه، أما القيادات الإسرائيلية فهمها التوسع والاستيطان والاستيلاء على الأرض وطرد أهلها وسكُانها وملاُكها الحقيقيين الأصليين الذين جبلوا ترابها بدمائهم منذ مئات السنين القيادات الإسرائيلية تقضي على كل بارقة سلام وعلى كل أمل في أي حلٍ عادل وثابت وشامل ودائم، مهما ادعت هذه القيادة عكس ذلك لأن الواقع اليومي يدحض ويكذب كل التشدق بالسلام الذي بات يكره أن يتفوُه به من لا يحسنون سوى لغة القتل وإحراق المزروعات وسرقة محاصيل الزيتون والاستيلاء على الأرض لإقامة مغتصبات عليها بعد التُنكيل بشعبنا الفلسطيني الذي ورث هذه الأرض وزرعها وفلحها وغرسها وروُاها بدمه وعرقه وجهده.

القيادة السياسية للعالم العربي مشغولة بلا شيء أو بأي شيء سوى قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية لقد زهقنا ومللنا من تكرار كلمات التضامن التي لا معنى لها وللحقيقة نذكر أن بعض هؤلاء الساسة رَيحونا منذ سنوات حتى من مجرد التضامن اللفظي الذي أصبح بلا روح وبلا معنى وبلا مضمون، القيادات السياسية في العالم العربي بإمكانها أن تفعل الشيء الكثير لشعوبها أولاً ولشعبنا الفلسطيني بعد ذلك فشعبنا هو أساس من هذه الشعوب وهو الذي تحملَ وما زال يتحمل ظلماً كان باستطاعة القادة العرب لو أرادوا أن يرفعوه عنه، لكن هيهات هيهات فقرارهم ليس في أيديهم إلا إذا كان لظلم شعوبهم وقهرها وسجنها وتجويعها وقمعها وسلب حريتها ومنعها من حرية التعبير والاجتماع والتظاهر إلا إذا كان ذلك تأييداً لأولئك الظًلمة من قادة هذه الشعوب.

تتساءل الوثيقة عما تصنع الكنيسة؟ والجواب نتركه لإخوتنا المسيحيين، ولكننا نتوجه بالسؤال إلى المسلمين، ماذا صنعتم وماذا تصنعون أيها المسلمون لتغيير هذا الواقع الظلامي المأساوي الذي لا يمكن تحمله، خاصةً وأنه لا يبدو له نهاية أو أمل في التغيير إلى الأفضل أو إلى الأقل سوءاً فمن سيئ إلى أسوأ لا أقول ذلك يائساً أو محبطاً أو متقاعساً بل أقوله لأنه هو الواقع بعينه ولأنه يجب تشخيص ومعرفة الداء قبل الدواء، وقد عاهدت نفسي أن أقول الحق كل الحق ولا شيء غير الحق في قضيتي وقضية شعبي وفي كل قضية أعالجها أو أتعامل بها بأي شكل من الأشكال، ولا بد من المصارحة، مصارحة النفس ومصارحة من نتعامل معهم حتى نكون صادقين في توجهنا أولاً وحتى نكون صادقين في مطالبنا لتحقيق العدل والسلام.

ظلمٌ مستمر ومتواصل لشعبنا الفلسطيني

لا يمكن القبول بظلم مستمر تحت سمع العالم وبصره وبصمت رهيب من المجتمع الدُولي وبتأييد سافر أو صارخ أو موارب في كثير من الحالات والشواهد أكثر من أن تحصى للذين لهم عيون يبصرون بها ولهم آذان يسمعون بها، وليسوا كالأنعام بل أضل سبيلاً.

ماذا فعل الفلسطيني تحت السماء وفوق الأرض ليقع عليه كل هذا الظلم ولعدة عقود؟ ولا أمل في الخلاص، نعم لا أمل يبدو للخلاص رغم الوعود العرقوبية والأوهام السرائبية والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة، مزيد من مصادرة الأراضي مزيد من الاعتقالات ومزيد من الاعتداء على الممتلكات والمزروعات والمواشي والمباني والتدمير للأحلام والأماني وكأنه ليس لنا أمل في الخلاص.

وقفة الحق التي دعاها معدوها “كلمة إيمان ورجاء ومحبة من قلب المعاناة الفلسطينية، هي أكثر من صرخة وهي أكثر من احتجاج وأكثر من تعبير عن الواقع المر الذي لا يطاق ولم يعد يُحتمل، إنها كل ذلك وأكثر من ذلك بكثير، وهي جديرة بالدراسة والتأمل والتفكير والتساؤل، بعد أن قرأت هذه الوثيقة ماذا علي أن أفعل؟

ما هو دوري لتغيير هذا الواقع؟

هل أستطيع أن أقدم شيئاً؟

هل علي واجب أن أفعل شيئاً؟

هل الخطاب موجه إلي؟ أم أنه موجه لغيري فقط؟

برأيي أننا جميعاً مسؤولون والخطاب موجه لنا جميعاً كلٌ في موقعه، وكلنا نستطيع أن نفعل كل ٌ في مكانه وبين جماعته، الخطاب موجه للجميع ولا يستثني أحداً، بل أكثر من ذلك، يجب أن نلوم أنفسنا إذا كنا لم نفعل شيئاً حتى الآن كفانا تخاذلاً! كفانا تقاعساً! كفانا مراقبة الأحداث من بعيد وكأن الأمر لا يعنينا، ألأمر يتعلق بمصير كل واحد منا أفراداً وجماعات.

مهاجرٌ جديد ومستوطنٌ حالي يدعو إلى تهجيرنا

عندما يطالب مهاجر جديد ومغتصب يعيش في إحدى المغتصبات في الضفة أصبح مسؤولاً بسبب نتائج الانتخابات وتوازن القوى داخل الحكومة التي تبعد عن اليلام بعد السماء عن الأرض مسؤول بتبادل الأرض مع ساكنيها، ويهدف بهذا إلى ترحيلنا وطردنا من وطننا فليس لنا متعة أن نقف ونتفرج الأمر يتعلق بحياتنا، بعيشنا وباستمرار هذه الحياة وهذا العيش، هذا ليس مبالغة ولا هو إدعاء أو تحريض، إن الإعلام الإسرائيلي مليء بالتحريض علينا وعلى وجودنا وعلى مستقبلنا هذا ليس تهويلاً أو تخويفاً بل هو توصيف لواقع نعيشه ويستدعي كل واحد منا أن يسأل نفسه وماذا علي أن أفعل وما هو دوري لتغيير هذا الواقع الذي لا يطاق، كلنا مسؤول ولا عذر لأحد منا، إن لم يقم بواجبه على أحسن وجه يستطيعه.

نهب الأرض هدف الاحتلال

تستنكر وثيقة المسيحيين نهب الأرض الفلسطينية باسم الله _ حاشا لله _ وباسم القوة الفاشحة الطاغية الباغية، وتستنكر السيطرة على الموارد الطبيعية وبخاصة المياه والأراضي الزراعية، وبهذا فهي تُعوق فعلاً أي حلٍ سياسي، لأنه لا يمكن أن تقوم دولة إلا فوق أرض ٍ ثابتة بمواردها وبما في داخلها وفوقها من ثروات وموارد.

حواجز المهانة والإدلال

تستنكر الوثيقة حواجز المذلة والإذلال التي لا شبيه لها والتي تعرقل وتعطل الحياة نفسها فهي تمنع الوصول إلى المدارس وأماكن العمل والمستشفيات والمصالح وحتى أماكن العبادة، ومعاناة المسلمين الذين يُحرمون من الوصول إلى أولى القِبلتين الذي كان سيبقى القِبلة الأولى لو لم يتقلب وجه النبي الكريم في السماء وكانت ستبقى فلسطين مقصد الحجاج المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها .

من لم يشاهد طوابير الفلسطينيين أمام الحواجز العسكرية وهم في طريقهم إلى المسجد الأقصى في ساعات الصباح الباكر وبعد صلاة الفجر مباشرةً لعل وعسى يتمكنون من الوصول والصلاة! نقول من لم يشاهد تلك الطوابير البشرية لم يشاهد ظلماً مجسداً في حياته.

وكذلك هي طوابير العائدين في المساء إذا حالفهم الحظ وأدوا الصلاة في الأقصى وهم يحملون التمر هندي

والكعك المقدسي المميز الذي يكون إفطاراً لهم لأنه من المستحيل أن يُفرج عنهم قبل موعد الإفطار وفي مدٌة زمنية تتيح لهم العودة إلى بيوتهم لتناول الإفطار على موائدهم وبين أفراد أسرهم التي تنتظرهم، وكثيراً ما يعودون إليها جرحى أو شهداء أو تُغيبهم سجون الاحتلال التي تزداد اكتظاظاً بسجناء الحرية الفلسطينيين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يريدون العيش فوق أرضهم مثل كل بني البشر.

تشتيت العائلات بدل جمع شملها

ومن منا لم يسمع عن فصل أفراد الأسرة الواحدة حيث لا تصبح أسرة بعد ذلك، وخاصةً في تلك العائلات التي لا يحمل فيها أحد الزوجين هوية إسرائيلية أصبح الوصول إلى القمر أقرب من الوصول إليها من سلطة لم يستدعها أحد لاحتلال أرضنا ووطننا وظلم شعبنا.

أرزة وزيتونة

وظلم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

أما اللاجئون الفلسطينيون فهم جزء من الواقع الفلسطيني، وأغلبهم يعيشون في مخيمات في ظروف صعبة ولا تليق بالإنسان كما هو الحال في الاثني عشر مخيماً في لبنان إضافة إلى التجمعات على الساحل اللبناني وبعض التجمعات الأخرى التي “لا ترقى” إلى أن تدعوها مخيمات، أو هي أدنى بكثير من المخيمات، إن ما شاهدناه من خلال اللقاءات مع لاجئي لبنان في برنامج ” أرزة وزيتونة ” الذي أعده وقدمه الإذاعي ماهر شلبي في شهر رمضان المبارك أثار الحزن والأسى في نفوسنا وقلوبنا بالإضافة إلى العتب على الحكم اللبناني الذي لم يترك باباً من أبواب الظلم إلاٌ وأغلقه في وجوه الفلسطينيين بعد أن أدخلهم داخله، وكانت كلمة لاجيء للانتقاص من كرامة الفلسطيني، ليعير بها، اذهب يا لاجئ، أسكت يا لاجئ أنت لاجئ أصلاً فلا يُسمع رأيك ولا يُؤخذ به وغير ذلك من التعابير المهينة المذلة التي أنزلها بنا بنو قومنا

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

على الحر من وقع الحسام المهند

الحل تراه الوثيقة في تنفيذ قرار الأمم المتحدة 194 بإعادة هؤلاء اللاجئين إلى وطنهم وأرضهم وبيوتهم التي هُجِروا منها بالقوة أو بالوعود الكاذبة أو الغش والخداع والنتيجة كانت واحدة، طرد أو لجوء بلا عودة حتى اليوم، وبلا أمل في العودة في المستقبل القريب أو حتى البعيد في ظل موازين القوى الحالية وما دامت أمريكا حامية إسرائيل هي الملجأ الوحيد الذي تلجأ إليه القيادات بعد أن كان قد اعتبرها البعض تملك 99% من أوراق الحل، لكن الواقع أن ال 100% من الحل يجب أن يكون في أيدي الشعوب المقهورة والمظلومة والمستضعفة وليس في أيدي ظالميها ومؤيدي ظالميها ومناصريهم وشعبنا وشعوبنا وقادتنا لا حول ولا قوة في مقارعة ومصارعة الطواغيت طواغيت هذا العصر.

وتتساءل الوثيقة تساؤل العارف سلفاً بالإجابة عندما تتعرض لموضوع الأسرى، حيث أن ألوف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية هم جزء من واقع الشعب الفلسطيني، الإسرائيليون يحركون العالم لتحرير أسير واحد كان يلفي بقذائفة باتجاه الفلسطينيين في غزة ولم يكن في نزهة ربيعية، أما ألوف أسرانا فلا أحد يعلم متى سيتم تحريرهم، هؤلاء الأسرى تم أسرهم لأنهم قاموا بالدفاع عن أنفسهم وبلداتهم وعائلاتهم وتم اعتقالهم في هذه الظروف التي تتوجب إطلاق سراحهم وإعادتهم سالمين إلى عائلاتهم التي تنتظرهم وإلى أولادهم الذين يتمتعون بما يتمتع به كل أطفال العالم من حب وشوق لآبائهم ولعناقهم والجلوس في أحضانهم وتناول الطعام معهم وسماع أحاديثهم والاستمتاع بتربيتهم مثل كل الأبناء. وسبب السجن هو الاحتلال الظالم، هو الطمع في الأرض لتكون بلا شعب ما أمكن، أرض أكثر وشعب أقل هذا ما يريده مغتصبو الأرض ومغتصبو الحقوق والحريات المدنية بأشكالها المختلفة.

لا تكتفي الوثيقة بالتعرض لأوضاع الفلسطينيين في الضفة والقطاع فحسب، بل تتعرض أيضاً للفلسطينيين الذين يعيشون في دولة إسرائيل التي قامت على انقاض حقوقهم وحقوق آبائهم وأجدادهم، ومع أن هؤلاء المواطنين لهم حقوق المواطنة ويتحملون واجباتها إلا أنهم عانوا ويعانون من ظلم تاريخي نتيجة سياسات التمييز التي عاملتهم بها حكومات إسرائيل المتعاقبة، وهم ينتظرون أيضاُ أن يتمتعوا بحقوق كاملة وأن يعاملوا بمساواة مثل كل مواطني الدولة، ونود أن نلاحظ هنا أنه لا يمكن المساواة في ظل الاحتلال وهدم قرى بأكملها أكثر من خمسماية قرية، ومصادرة أراضيها وإقامة الكيبوتسات والمدن والبلدات الزراعية اليهودية عليها، وكتاب التطهير العرقي في فلسطين الذي ألفه الأستاذ الجامعي الإنسان إيلان بابه شاهد على ما ارتكبته العصابات الصهيونية، أبان احتلال فلسطين عام 1948 وكيف كانت تعمل بجد ونشاط واجتهاد على احتلال الأرض وقتل الشعب أو طرده وتهجيره.

مسلسل أنا القدس يحكي قصة النكبة

ومن شاهد في شهر رمضان المبارك مسلسل ” أنا القدس ” الذي ألفه وأخرجه وأعده باسل الخطيب عرف كثيراً من الظلم الذي لحق بنا وبأهلنا وبأرضنا سواء منا من بقي أو من قُتِل أو هُجر وهذا المسلسل لوحده يستحق أكثر من مقال للإضاءة على ما احتواه ولجعل من لم يشاهده أن يفعل ذلك إذا سنحت فرصة قادمة، والشكر الموصول لقناة المنار وقناة فلسطين اللتين عرضتا هذا المسلسل التاريخي التوثيقي الهام الذي يعرف الخلف بما حصل مع السلف وبما جرى لفلسطين وكيف ضاعت أو ضيُعت والنتيجة واحدة، وما هي طرق الخداع المباشر وغيرها المباشر التي استعملتها العصابات الصهيونية للاستيلاء على بلادنا وممتلكاتنا وطردنا منها في أحسن الحالات وان لم يكن قتلنا والتخلص منا.

تتعرض الوثيقة أيضاً لآفة الهجرة التي يلجأ إليها الشباب المسلمون والمسيحيون، وهذا عملياً يحرم أرضنا وبلادنا من أهم مواردها، وهم الشباب المثقف، وجذور هذه الهجرة تمتد إلى عدم إيجاد حل للقضية برمتها، وهذه رواية صحيحة وصائبة ولو وجد شبابنا العمل والحرية وتحقيق الطموح في بلادنا لما هاجروا إلى بلاد الغرب خاصةً وأعطوا كل جهدهم وفكرهم وعملهم لتلك البلدان بينما بلادهم وأهلهم بحاجة إليهم، بل بأمس الحاجة إليهم.

لا يمكن القبول بالإدعاء الإسرائيلي أن العقاب الجماعي وكل أنواع التنكيل بالفلسطينيين والذي أساسه الاحتلال هو دفاع عن النفس، دفاع عن النفس الإسرائيلية، هذا الإدعاء يقلب الواقع رأساً على عقب، صحيح أن هناك مقاومة فلسطينية للاحتلال ومقاومة المحتل الغاصب هي الدفاع عن النفس حسب كل التفاسير والأسماء والمسميات. لكن لو لم يكن الاحتلال لما كانت هناك مقاومة، ولما كان خوف وانعدام أمن. وعندما ينتهي الاحتلال فسيعيش الجميع في عالم جديد لا خوف فيه ولا تهديد، وسوف يحل بدل ذلك الأمن والعدل والسلام فوق هذه الأرض المقدسة.

مفاوضات من أجل المفاوضات

هذا الواقع الذي تتعرض له الوثيقة رد عليه الفلسطينيون بمفاوضات أجرتها السلطة الفلسطينية الرسمية، ومع ذلك لم يحصل أي تقدم في مسيرة السلام. لهذا لجأت بعض الأحزاب السياسية الفلسطينية إلى المقاومة المسلحة، وتذرعت إسرائيل بذلك لتتهم الفلسطينيين بالإرهاب وبذلك تمكنت من طمس المعنى الحقيقي للصراع، إذ باتت القضية تصور وكأنها حرب إسرائيلية على الإرهاب، وليس كما هي فعلاً وحقيقة قضية احتلال إسرائيلي ومقاومة فلسطينية مشروعة لوضع حد لهذا الاحتلال.

ألاحتلال يولد المقاومة الشعبية، والمقاومة بجميع أشكالها، ومقاومة الاحتلال مشروعة ومقبولة وهناك حثٌ عليها في الكتب السماوية وفي القوانين الدولية والقوانين المحلية إضافة إلى أن مقاومة الاحتلال رد فعل طبيعي لا يمكن مقاومته والسيطرة عليه والشعب الفلسطيني ليس هو الشعب الوحيد الذي قاوم ويقاوم الاحتلال بل أن كل الشعوب التي عاشت ظروفه وأقل منها قاومت الاحتلال وأيدها وباركها العالم الحر على ذلك إلى أن تم إنهاء الاحتلال بجميع أشكاله.

الانقسام الفلسطيني

نتيجةً لعدم احترام الناخبين في انتخابات 2006

والوثيقة تعالج بجرأة الواقع الفلسطيني القائم منذ الانقسام الذي تم سنة 2007 والذي فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وهذا الصراع الداخلي الفلسطيني زاد الكارثة، ومع أن هذا الانقسام تم بين الفلسطينيين أنفسهم إلا أن الأسرة الدولية كانت سبباً رئيساً فيه لرفضها التعامل على نحو إيجابي مع إرادة الشعب الفلسطيني التي عبر عنها بالطرق الديمقراطية في انتخابات عام 2006 التي حصلت فيها حماس على أغلبية ساحقة في البرلمان في انتخابات هي الأكثر ديمقراطية في كل الدول العربية وذلك بشهادة مئات المراقبين الدوليين الذين راقبوا عملية الانتخابات وعلى رأسهم جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق، المجتمع الدولي بتحريض من إسرائيل وأمريكا تنكر لهذه النتيجة وحاربها وسعى لإلغائها وبعض الأنظمة العربية التي تدور في فلك أمريكا وتهادن إسرائيل ساعدت على هذا التنكر فكانت إقالة الحكومة الشرعية برآسة اسماعيل هنية في غزة وتعيين حكومة برآسة الدكتور سلام فياض في رام الله، هذا الانقسام الفلسطيني لا يبشر بخير ولن يجلب لشعبنا الفلسطيني أي خير وكله خسارة في خسارة ولا ربح من ورائه شاء من شاء وأبى من أبى، لا ربح من هذا الانقسام إلا لأعداء شعبنا في الداخل والخارج ويجب أن نطوع كل الظروف لإعادة اللحمة والاتفاق إلى صفوف شعبنا وقواهُ المكافحة المناضلة، لا أعرف كيف نختلف وفلسطين واحدة وهدفنا في التحرر واحد وأعداؤنا هم هم أنفسهم. لا يمكن القبول باستمرار الانقسام الفلسطيني شعبنا يستحق الوحدة، شهداؤنا من عليائهم يطالبوننا بالوحدة، سجناؤنا لا يرضون بغير الوحدة وجرحانا لا تلتئم جراحهم إلا بالوحدة لن تلتئم جروحهم إلا إذا التأم الجرح الكبير الذي تركه الانقسام والإحتراب والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.

كفانا انقساماً، كفانا استهانة بتضحيات الشهداء والجرحى، كفانا خدمة لأعدائنا سواء كانت هذه الخدمة عن سبق معرفة وترصد وإصرار أم أنها نتيجة فقط، فالمحصلة واحدة شماتة الأعداء والتنكر لدماء الشهداء وخذلان للأهل والأصدقاء، لنأخذ العبرة والعظة من كل حركات التحرر التي تحاورت واختلفت وتباينت آراؤها، إلا أن الهدف المشترك كان يجمعها فيما بعد ولا يتيح لها الفرقة، قوتنا في وحدتنا، نجاحنا في تصويب أهدافنا نحو التحرر والاستقلال، هات نتحرر أولاً من أطول احتلال في التاريخ المعاصر وبعدها سوف نجلس إلى طاولة الحوار وفوقها نعرض برامجنا ونتحاور لكن بلا قتال وبلا اعتقالات وبلا امتهان لكرامة بعضنا البعض، من غير المعقول ومن غير المقبول أن يظلم الفلسطيني أخاه الفلسطيني، من غير المعقول ولا المقبول أن يقتل الفلسطيني أخاه أو أن يزج به في السجن، ألا يكفينا ظلم الاحتلال ظلم أعداء حريتنا واستقلالنا، ألا يكفينا خذلاننا من قِبل الأشقاء العرب، أليس من العار علينا أن نقتتل ونتقاتل على لا شيء! نعم على لا شيء؟ يجب أن نؤمن بالتعددية وبالحوار، يجب أن نؤمن بأن الوطن للجميع والدفاع عن الوطن واجب على الجميع ولا خيار لنا غير الصمود والوحدة والتماسك والالتفاف حول الأهداف التي تجمعنا ولا تفرقنا وهي كثيرة جداً.

 

Related Articles