مؤتمر التراث العربي للمسلمين والمسيحيين في الأرض المقدسة
الدورة الواحدة والعشرون
13-15 آب 2009
مواضيع البحث:-
1- العلاقة العربية مع الغرب قبل الإسلام.
– د. جريس سعد خوري
2- العلاقة بين العالم العربي وبين الغرب إبان الدعوة الإسلامية.
– د. محسن يوسف
3- العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة الأموية.
– د. جمال جودة
4- العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة العباسية.
– د. سعيد البيشاوي
5- العلاقة العربية والإسلامية مع الغرب في العهد الأندلسي.
– د. عمر شلبي
6- الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات الإسلامية المسيحية.
– د. عطاالله قبطي
7- العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الحكم العثماني.
– د. تيسير جبارة
8- تداعيات اتفاقية سايكس- بيكو ووعد بلفور على العلاقات بين العرب والغرب.
– د. حماد حسين
9- هل العلاقة بين العالم العربي والغربي علاقة صراع أم حوار؟
– د. برنارد سابيلا
10- دور الفكر الديني في بناء الثقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب.
– الاب الدكتور رفيق خوري
– د. حمزة ذيب
11-كيف تبنى الثقة بين العرب والغرب.
– د. ذياب عيوش
برنامج المؤتمر:-
اليوم الأول: الخميس 13/8/2009
15:00-16:00
تسجيل
16:00-17:00
كلمات الافتتاح
17:00-17:45
تضييفات
17:45-19:00
محاضرة بعنوان: العلاقة العربية مع الغرب قبل الإسلام
المحاضر: د. جريس سعد خوري
تقديم وإدارة: أ.د.عبد الرحمن عباد
19:00-20:15
محاضرة بعنوان: العلاقة بين العالم العربي وبين الغرب إبان الدعوة الإسلامية
المحاضر: د. محسن يوسف
تقديم وإدارة: الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو جابر
20:15-21:15
عشاء
اليوم الثاني: الجمعة 14/8/2009
8:00-9:00
فطور
9:00-10:00
محاضرة بعنوان: العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة الأموية
المحاضر: د. جمال جودة
تقديم وإدارة: د. بيتر قمري
10:00-11:00
محاضرة بعنوان: العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة العباسية
المحاضر: د. سعيد البيشاوي
تقديم وإدارة: د. حسن السلوادي
11:00-11:20
استراحة (قهوة + شاي)
11:20-12:20
محاضرة بعنوان: العلاقة العربية والإسلامية مع الغرب في العهد الأندلسي
المحاضر: د. عمر شلبي
تقديم وادارة: د. ابراهيم أبو هشهش
13:00-14:00
غذاء
14:00-16:00
استراحة
16:00-17:10
محاضرة بعنوان: الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات الإسلامية المسيحية
المحاضر: د. عطالله قبطي
تقديم وإدارة: السيدة هنادي سوداح يونان
17:10-18:20
محاضرة بعنوان: العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الحكم العثماني
المحاضر: د. تيسير جبارة
تقديم وإدارة: الاستاذ موسى درويش
18:20-18:50
استراحة
18:50-20:00
محاضرة بعنوان: تداعيات اتفاقية سايكس- بيكو ووعد بلفور على العلاقات بين العرب والغرب
المحاضر: د. حماد حسين
تقديم وإدارة: د. وليد مصطفى
20:00-21:00
عشاء
اليوم الثالث: السبت 15/8/2009
8:00-9:00
فطور
9:00-10:15
ندوة بعنوان: هل العلاقة بين العالم العربي والغربي علاقة صراع أم حوار؟
المحاضرون: د. برنارد سابيلا
د. الكسندر سكوت
تقديم وإدارة: د. إبراهيم شعبان
10:15-11:30
ندوة بعنوان: دور الفكر الديني في بناء الثقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب
المحاضرون: الأب د. رفيق خوري
د. حمزة ذيب
تقديم وإدارة: المحامي علي رافع
11:30-12:00
استراحة
12:00-13:30
ندوة بعنوان: كيف تبنى الثقة بين العرب والغرب
المحاضرون: أ.د. ذياب عيوش
Dr. Willy Rellecke
تقديم وإدارة: أ.د. قسطندي الشوملي
13:30-14:00
تلخيص المؤتمر والبيان الختامي
14:00-15:00
غذاء ومغادرة
تقرير المؤتمر
بعنوان
“بناء الثقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب”
تجارب الماضي وآفاق المستقبل
افتتح في الثالث عشر من شهر آب 2009 مؤتمر التراث العربي للمسلمين والمسيحيين في الأراضي المقدسة، والذي ينظمه سنوياً “مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة” في مدينة بيت لحم، وكانت الدورة الواحدة والعشرون للمؤتمر تحت عنوان: “بناء الثقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب – تجارب الماضي وآفاق المستقبل”.
حضر المؤتمر عدد كبير من المثقفين ومن أعضاء وأصدقاء المركز من منطقة بيت لحم والقدس ومن قرى ومدن الجليل وستستمر أعمال المؤتمر حتى عصر الخامس عشر من آب، ويساهم عدد كبير من المحاضرين والمتخصصين من جامعات محلية ودولية بإعداد دراسات أكاديمية في المواضيع المطروحة للبحث لتبيان طبيعة العلاقة بين العرب والمسلمين وبين الغرب وذلك منذ قبل الدعوة الإسلامية ومرورا بالإسلام وحتى أيامنا هذه.
افتتح الأستاذ موسى درويش، نائب مدير مركز اللقاء، المؤتمر بكلمة ترحيبية مؤكدا على أهمية رسالة مركز اللقاء وضرورة برامجه في وقت يحتاج فيه الجميع إلى الحوار والى الوحدة الوطنية والعيش المشترك. وكان غبطة البطريرك ميشيل صباح رئيس مجلس أمناء اللقاء أول المتحدثين في حفل الافتتاح حيث رحب بالحضور المحلي والدولي، وقال بأن شعبنا يحتاج إلى الفكر لأنه قوة الإنسان وقوة الشعب، والفكر هو القوة المحركة، وبه يوجد شعب أو لا يوجد، أو يوجد ضعيفاً، في حيرة من أمره، تائه في مخاصماته وفي تحديد رؤيته،والى جانب الفكر نحن بحاجة إلى قوة أخرى وهي الإيمان. إيمان بالله، مصدر الرجاء والأمل، مهما ساءت الأحوال.كما وقال غبطته ان بناء الثقة يبدأ بالثقة بالذات، حتى لا تكون اعتداداً وكبرياء فارغة عاجزة، يجب أن تبدأ بمعرفة الذات. وقال غبطته: الغرب ليس كله أمرا واحدا. ليس إيمانا واحداً. وليس شعباً واحدا. وليس كله أعداء. بل فيه شعوب، وفيه ديانات، وفيه حياة روحية صادقة، وفيه أصدقاء. وفيه سياسة وفيه استعمار وهذا ما يغلب على معالمه اليوم في علاقتنا معه. ولا يجوز أن نغرق الغرب كله في شر السياسة الذي نراه فيه في ما يختص بنا. وفي الغرب مواطن ضعف ومواطن قوة، وهذه نعرفها لنأخذ منها ونجعلها خيراً لنا لا استعمارا لبلادنا.
وتلاه سماحة الشيخ تيسير رجب التميمي، قاضي قضاة فلسطين، وقال عندما أكون في مركز اللقاء اشعر بدفء العلاقة الإسلامية المسيحية المتميزة. هذه الوحدة يجب أن تحافظ على التنوع والتعددية الدينية والسياسية والثقافية والفكرية في فلسطين لأنها السبيل الوحيد لتحرير الوطن. ولكنني أخشى وأقلق في هذه الأيام على هذه الوحدة.
أنا أؤكد، وأنا في حضرة إخوة أفاضل من القيادة المسيحية، أنا أخشى على هذه الوحدة التي تفاخرنا بها، لأن مظاهر الانقسام الذي أصاب الشعب الفلسطيني اشعر وكأنها انعكست على هذه الوحدة إلى حد ما. أنا أدعوكم إلى مزيد من التراص للمحافظة على القدس، المدينة التي تقوي وحدنا؛ وإذا ضربت هذه العلاقة وهذه الوحدة تكون، إسرائيل قد حققت أهم هدف من أهداف المشروع الصهيوني وهو الهيمنة على القدس. وقال سماحته في كلمته انه لا يمكن أن تتحقق الثقة بين العرب والغرب إلا بالحفاظ على طبيعة وخصوصية مدينة القدس المتميزة.
أنا اشعر بقلق شديد بسبب تناقص المسيحيين في القدس ولا يمكنني ان أتصور القدس خالية من العرب المسيحيين. ولهذا أناشد القيادات المسيحية والإسلامية في السهر والعمل ليل نهار من اجل الحفاظ على عروبة هذه المدينة المقدسة.
أما أ.د. ذياب عيوش، نائب رئيس مجلس أمناء مركز اللقاء فقد قال بعد ترحيبه بالحضور أن المؤتمر يحمل أمراً جديداً وهو البحث والتوثيق وهذا أمر في غاية الأهمية ، وأضاف سنكون موضوعيين لفهم تفاعل العلاقات، واستعرض أحداثا تاريخية وخلص إلى ضرورة بناء علاقة صحيحة بين الطرفين. وقال د. عيوش إن موضوع المؤتمر هو جديد ونأمل من خلاله لتأسيس حوار جاد مع الغرب وشدد على أن بناء الثقة لا يتم إلا بعلاقة متوازنة بين الطرفين، وان لا تكون على قواعد واهية إلا على أسس من التوافق وهذا لن يكون إلا إذا توفرت النوايا الطيبة والصادقة.
المتحدث الرابع كان المربي والكاتب فتحي فوراني من مدينة حيفا، وقد تحدث عن تجربة فلسطينيي الداخل بالحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية، واستذكر دور لجنة المبادرة الإسلامية في حيفا، وأعلن أن الصراع متواصل في هذا الشأن.
وكانت الكلمة الختامية للدكتور جريس سعد خوري، مدير مركز اللقاء، الذي شكر المشاركين على اهتمامهم وحضورهم ومشاركتهم، وشكر بشكل خاص اللجنة التي اجتمعت عدة مرات لتحضير برنامج المؤتمر المتكامل والذي يعالج واحدة من أهم قضايانا.وقد قال د. خوري أن هناك ذكريات كثيرة من الماضي تؤلمنا، وكلنا بشكل أو بآخر مسؤولون عن هذا التاريخ بنسب متفاوتة، وكلنا مسؤولون عن هذه الفجوة بين العالمين وبخاصة عندما كان الجميع يستغل الدين استغلالاً خاطئاً لتبرير ما يقوم به من حروب واحتلال وإساءة واستعلاء واستثناء للآخر. وأضاف قائلا: من أجل إعادة بناء الثقة بين العالمين، لا بد أولا من إعادة بناء الثقة بأنفسنا كأفراد، والتمسك بهويتنا العربية وبانتمائنا القوي إلى شعبنا وتاريخنا وحضارتنا وديننا ؛ وبعد إعادة الثقة بأنفسنا علينا العمل على إعادة الثقة فيما بيننا، مسيحيين ومسلمين، بهدف عيش مشترك يتساوى به الجميع أمام الحقوق والواجبات، والعمل على وحدتنا العربية والوطنية التي من الصعب أن تتحقق دون الاتفاق على برنامج عمل ورؤية موضوعية لمستقبلنا السياسي والاجتماعي.
وفي نهاية كلمته قال د. جريس: في هذه المناسبة الطيبة وقبل بدء شهر رمضان المبارك بأيام يسعدني أن أوجه باسم أسرة اللقاء تحية خاصة لإخوتنا المسلمين متمنيا لهم صوما مباركا وان نصلي معا من اجل وحدتنا الوطنية ومن اجل السلام العادل.
تلا افتتاح المؤتمر استراحة قصيرة تناول فيها الحضور بعض التضييفات ليعودوا من بعدها إلى قاعة المحاضرات للاستماع والمشاركة في محاضرات اليوم الأول.
كانت المحاضرة الأولى للدكتور جريس سعد خوري بعنوان :” علاقة العرب بالغرب قبل الإسلام” والتي قال فيها إلى الوجود الحضاري في الشرق وإلى التداعيات الثقافية والسياسية لفتح الاسكندر المقدوني لبلاد الشرق ولخضوعه فيما بعد للاحتلال الروماني. كما وتطرق المحاضر إلى بدء انتشار المسيحية وعلاقتها بالفلسفة اليونانية وبالإمبراطورية الرومانية والى انتشار المسيحية بين القبائل العربية والى أدبهم وفلسفتهم ولاهوتهم وعلاقة المسيحية باليهودية والوثنية.
كما وأكد على أهمية حضور أساقفة عرب في المجامع المسكونية الأولى وعن دورهم في التبادل الحضاري بين الشرق والغرب؛ وعن أهمية دور الحجاج المسيحيين الأوائل في علاقة الشرق بالغرب.وقد أشار د. خوري إلى علاقة العرب بالبيزنطيين وبالفرس واتصالهم بالغرب عن طريق التجارة والزراعة؛ وتأثرهم بالغربيين وبخاصة في الفن في بناء الكنائس والأديرة، وبناء الطرق والجسور والسدود الفخمة، وإقامة المكتبات العامة، الخ…
وأنهى د. خوري محاضرته بالتطرق إلى نوعية العلاقات السياسية بين العرب مع الغرب وبخاصة حول العلاقة الخدماتية للغساسنة بالبيزنطيين وللمناذرة بالفرس والاقتتال المستمر فيما بينهم، بدلا من الاهتمام في مصالحهم واستقلالهم. واختتم محاضرته قائلا: واليوم يبدو لنا إننا لم نتعلم شيئاً من تاريخنا ومن أغلاطنا ومن تجارب الماضي وبقينا على ما كنا عليه زمن الغساسنة والمناذرة لأننا نرى اليوم قادة شعبنا العربي تتنافس فيما بينها على تقديم خدمات لسياسات دولية لا تسعى بالخير لنا ولا لامتنا العربية، بل تقمع شعوبنا وتنتهك حقوقنا وتحتل بلادنا وتستغل ثرواتنا وتساند أعداءنا، ولن تكن لنا يوما ما كرامة وحرية إلا إذا وحدنا كلمتنا وصفوفنا.
وكانت المحاضرة الثانية للدكتور محسن يوسف بعنوان “العلاقة بين العالم العربي وبين الغرب إبان الدعوة الإسلامية” التي ركز فيها الحاضر على موقف الرسول والإسلام من اليهود والنصارى باعتبار أن العلاقة مع هاتين الفئتين تندرج تحت بند العلاقات الخارجية للمسلمين الأوائل، وعلى رسائل الرسول (ص) إلى أباطرة وملوك وشيوخ دول وقبائل المنطقة وعن علاقة الخلفاء الراشدين بالدولة البيزنطية وعن الفتوحات العربية الإسلامية ونظرية بيرين الذي ادعي بأن العرب والمسلمين جعلوا من البحر المتوسط منطقة حدودية مغلقة وفاصلة بين طرفي البحر بعد أن كان في السابق حلقة وصل بين جميع دول المنطقة.
وفي اليوم الثاني كانت المحاضرة الأولى عن “العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة الأموية” للأستاذ د.جمال جودة، أستاذ التاريخ في جامعة النجاح الوطنية، الذي عن “العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة الأموية” ركز في محاضرته على مرحلتين مهمتين: المرحلة الأولى بأيام الدعوة الإسلامية في الحجاز أيام رسول الله (ص) (610-633) م والتي يظهر فيها تضامنا واضحا للإسلام مع بيزنطة (الروم) المسيحية ضد فارس الوثنية وحلفائها اليهود وما أن بدأ الإسلام بالإعلان عن أهدافه التي تمثلت بخلافة الأرض ومن عليها ووراثة الأمم السابقة تحددت ملامح الفترة الثانية بعلاقات عدائية بين الطرفين, ولم يعد هناك أي مجال لبناء الثقة أو التفاهم في أغلب الأحيان.
وهكذا يمكن القول أن العلاقات بين العرب (الإسلام) والغرب (المسيحية) أيام بني أمية كانت علاقات عدائية بامتياز سيطر عليها الصدام العسكري بينهما, ولم يكن هناك أي مجال لبناء الثقة بين الطرفين.
والدكتور سعيد البيشاوي، وهو أستاذ مشارك في جامعة القدس المفتوحة قد تطرق في محاضرته حول “العلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب إبان الخلافة العباسية ” إلى ثلاثة محاور وهي:
1.العلاقة بين الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية،وفيه تحدث عن العلاقات الحربية بين الطرفين وتطرق أيضا إلى الفترات السلمية،هذا إلى جانب الحديث عن العلاقة التجارية بين الدولتين .2. علاقة الخلافة العباسية مع الإمبراطورية الرومانية المقدسة وأشار في هذا المحور إلى العلاقة بين الخليفة العباسي هارون الرشيد والإمبراطور شارلمان والى تبادل الهدايا بينهما. 3. أما المحور الثالث فقد عالج فيه د. البيشاوي طبيعة العلاقات بين المرابطين والموحدين وبين الممالك الاسبانية وبعض الدول الأوروبية.
المحاضرة الثالثة في اليوم الثاني كانت حول “العلاقة العربية والإسلامية مع الغرب في العهد الأندلسي” وقد قدمها د. عمر شلبي المحاضر في جامعة الخليل الذي قال ان المجتمع الأندلسي قد تميز منذ الفتح الإسلامي للأندلس بالتنوع الثقافي، فكان أعراقاً وديانات عدة، من عرب وبربر وإسبان وصقالبة، ومسيحيين ومسلمين ويهود، وتفاعلت هذه العناصر مع بعضها، مما أدى إلى تميز الأندلس في بنائه الحضاري. وقد ركز المحاضر على التعايش بين المسلمين والطوائف الأخرى في الأندلس ، وعن العلاقات الأندلسية مع دول النصرانية ، والتي لم تتسم بالهدوء والاستقرار،كما وتناول العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفارات وأنها لم تكن ذات طابع سياسي فقط، بل حملت جانباً حضارياً خاصة في تبادل العلم والمعرفة في أمور الطب والعمارة .وخلص الباحث إلى مجموعة من النتائج تجسد مفاهيم التعايش والتعاون بين الدول والشعوب لأننا أولاً وأخيراً جميعنا أبناء لآدم وعبيد لله الواحد الأحد.
أما الدكتور عطاالله سعيد قبطي قد تطرق أولا في محاضرته التي كانت بعنوان “الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات الإسلاميّة – المسيحيَّة” إلى المشكلة الديموغرافيَّة التي واجهها الصليبيون قائلا:عاش الصليبيون في بحر من المسلمين، الذين لم يفوتوا أيَّة فرصة للتربص بهم والتخلّص من حكمهم لهم وطردهم من المشرق الإسلاميّ، ولذا لم يحدث أي دمج يذكر بين الطرفين، وسادت بينهما سياسة الرفض المتبادل، كما عكستها حوليات المؤرخين المعاصرين من كلا الطرفين.
أما على الصعيد الحضاري، فقد كانت استفادة الصليبيين من الحضارة العربية الإسلاميّة، إبان هذه الحقبة، طفيفة مقارنة بما حصل عليه الغرب المسيحي عن طريق صقليّة والأندلس. وانهى محاضرته قائلا ان الحروب الصليبيَّة قد خلفت آثارا سلبيّّة على العلاقات المسيحيَّة-الإسلاميّة، فقد أثارت هذه الحروب موجة من التعصب الديني، ولم يتحرر الغرب المسيحي حتى القرن الماضي من الفكر الصليبي.
اما أ. د. تيسير جبارة فقد قال في محاضرته حول “العلاقة بين العالم العربي والاسلامي وبين الغرب ابان العهد العثماني” إن العلاقة بين الشرق والغرب قديمة ، وكان يشوبها أحيانا الحرب وأحيانا السلم، ولكن في العهد العثماني كانت أفضل من مما سبقها تاريخيا.ً وبعد عام 1774 بدأت الدول الأوروبية تتسابق فيما بينها للحصول على مغانم من الرجل المريض(الدولة العثمانية) ، فعقدت الدول الأوروبية مع السلاطين العثمانيين ومع الحكام المحليين اتفاقيات تجارية ، وقد سبقت بريطانيا غيرها من الدول الأوروبية. وقال د. تيسير إن الدول الأوروبية قد تنافست فيما بينها لحماية الأقليات المسيحية في الدولة العثمانية وخاصة في الوطن العربي ، فاتبعت طرق متعددة للسيطرة على المناطق العربية ، منها التبشير الذي هو مقدمة للاستعمار ، ومنها القروض التي وقع بها حكام المناطق العربية ، وبما أن الحكام لم يستطيعوا سداد الديون ، لذا استولى الغرب على الأراضي العربية بحجة سداد الديون وبحجة الحفاظ على المسيحيين في الدول العربية؛ وهكذا استعمر الأوروبيون المناطق العربية بعد احتلالها .كما وذكر على أن المبشرين قدموا علوما جديدة للشرق وفتحوا المدارس والجامعات ، ودخلها المسيحيون والمسلمون وازدادت النهضة العلمية .
والدكتور حماد حسين، عميد شؤون الطلبة في جامعة جنين، قد ذكر في محاضرته عن “تداعيات اتفاقية سايكس –بيكو ووعد بلفور على العلاقات بين العرب والغرب”، ان الإعلان عن توقيع اتفاقية سايكس بيكو و عن وعد بلفور ، خلال الحرب العالمية الأولى ، كان تتويجا لعملية تاريخية استمرت لأكثر من قرن من الزمان ، وضعت فيها الخطط و الآليات لتأسيس دولة لليهود في فلسطين. كان للاتفاقية وللإعلان تداعيات و إفرازات خطيرة جدا على العلاقة بين العرب و الغرب وأولى هذه التداعيات ، كانت فقدان الثقة بين العرب و الدول الغربية، ومن تداعيات وعد بلفور، أيضا، احتلال بريطانيا لفلسطين وإطلاق يد المنظمة الصهيونية العالمية فيها، لتأسيس دولة لليهود، بحماية و مساعدة بريطانيا الإدارية و السياسية و الاقتصادية و التشريعية.
وفي اليوم الثالث بدأه المؤتمرون بدعاء إسلامي ومسيحي قدماه الاب د. جمال خضر والمحامي علي رافع ومن بعد الدعاء شارك في أول ندوة التي كانت بعنوان “العلاقة ما بين الغرب والعالم العربي علاقة صراع أم حوار” الدكتور برنارد سابيلا والدكتور الكسندر سكوت. ذكر د. برنارد أن أحداث 9/11 قد سارعت من جهود الحوار ولكنها أيضا تذكار لحروب ومواجهات قامت على مدى التاريخ امتزجت فيها آثار ايجابية في نقل العلوم والمعرفة وفي تقوية التجارة العالمية مع الآثار السلبية التي نتجت عنها؛كما وأدت إلى ازدياد الرغبة لدى الكثيرين من الغربيين للتعمق ولمعرفة الأكثر عن العرب ، ولكنها أيضا أدت لردود فعل عسكرية سواء في العراق أو في أفغانستان كان يمكن تلافيها لو أستعملت السياسة الأمريكية حكمتها بدلا من استعراض عضلاتها. ولكن من الواضح بان الصراع العربي – الإسرائيلي وإقامة إسرائيل غصباً على الأرض العربية الفلسطينية قد أساء كثيراً للعلاقة ما بين العرب والمسلمين والعالم الغربي ويرى الكثير من العرب بان أي تقدم في العلاقة مع الغرب يستوجب إيجاد حلاً عادلاُ للقضية الفلسطينية يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
ولا بد من الإشارة بان عالم اليوم المعولم بتكنولوجيته وبوسائله قد قرب المسافات وهو يؤكد على ضرورة التمرس في الحوار بدل التمترس خلف الحوار ولكن بدون بلورة رؤية شمولية للأمن العربي يبقى الحوار ضريبة تدفعها النخب الحاكمة دون مشاركة وقناعة جماهيرية فيها.
أما الدكتور الكسندر سكوت وهو أستاذ مشارك في الإسلام ومدير الدراسات الكاثوليكية – الإسلامية في جامعة الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي –شيكاغو فقد كانت مداخلته بعنوان “الخوف من الإسلام(اسلاموفوبيا) في الولايات المتحدة في الزمن الحاضر” وقد ركز بشكل خاص على النقاط التالية: الخوف من الإسلام: تعصب أعمى بين الأشخاص أم عنصرية ممنهجة؟؛الخوف من الإسلام وحكومة الولايات المتحدة؛ الإسهامات المسيحية واليهودية والمحافظين الجديد في الخوف من الإسلام في الولايات المتحدة؛ الخوف من الإسلام في وسائل الإعلام الأميركية والخوف من الإسلام والهجومات الداخلية على الرئيس الحالي باراك حسين اوباما.
وقد شارك الأب د. رفيق خوري والدكتور حمزة ذيب في الندوة الثانية لليوم الثالث وكانت بعنوان “دور الفكر الديني في بناء الثقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب”. الأب د. رفيق اكتفي في مداخلته بطرح نموذج لهذا الفكر الديني، ألا وهو الرسالة الثالثة لبطاركة الشرق الكاثوليك، التي تحمل عنوان: “معا أمام الله في سبيل الإنسان والمجتمع: العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في العالم العربي”؛ والتي يذكر فيها بطاركة الشرق الكاثوليك أن الذاكرة العربية-الإسلامية والذاكرة الغربية حافلة بالجوانب السلبية التي خلفها لها التاريخ.ولكن، وبالرغم من ذلك، تذكر الرسالة أيضا فترات لم تخل من التفاعل الحضاري الخلاق في العصور الوسطى وما بعدها؛ وتؤكد الرسالة على ان هذا ما “يجب إحياؤه والتركيز عليه (اليوم) وتفعيله ليأخذ دوره كمرجع من مراجع الحوار والتلاقي الإيجابي اليوم” . وأنهى الأب رفيق مداخلته قائلا: إن عيشنا المشترك هو من صميم وقوفنا أمام الله. فلنقف معا أمامه ونبحث عما يريده لمجتمعنا ومن خلاله للبشرية جمعاء”. إن الطريق نحو الإنسان يمر عبر قلب الله. وإذا سلكنا هذا الطريق، نلحق بأخوتنا البشر بقلوب صافية نقية… إنه على كل شيء قدير.
والدكتور حمزة ذيب أكد في مداخلته على انه ليس لدى الإسلام مشكلة في الانفتاح على الآخر في الناحية الثقافية وأعطى أمثلة على هذا كترجمة كتاب “كليلة ودمنة” وترجمة العلوم اليونانية من فلسفة وطب وعلوم أخرى إلى اللغة العربية واستفادة المسلمين منها. كما وذكر انفتاح وتعاون المسلمين مع الآخرين في الناحية العقدية كالحوار وعدم الإكراه في الدين والعيش المشترك الخ… كما وقال د. حمزة إن الإسلام منفتح على الآخرين وان الثقافة الإسلامية مبنية على حسن الظن بالآخر وعدم جواز تبييت التهمة أو الظن السيئ بالآخر، وقال إن الإسلام لا يحاكم الناس بلا حجة دامغة أو دليل لا يقبل الشك أبدا.
والندوة الأخيرة كانت بعنوان ” كيف تبنى الثقة بين العرب والغرب” وشارك فيها الأستاذ الدكتور ذياب عيوش والدكتور ويللي رليكي من ألمانيا. أكد د.عيوش في مداخلته على بناء الثقة بحاجة إلى حوار يقوم على أسس موضوعية بعد أن مرّت العلاقة بين الشرق والغرب بانتكاسات خطيرة منذ ما قبل الإسلام وما بعده طوال عشرات القرون. وقال المحاضر إن محاضرته تشكّل محاولة للنفاذ إلى الجذور وتشخيص العلاقة التاريخية والحالية واستكشاف العوامل والإمكانات والآفاق التي يعتقد أنها كفيلة ببناء الثقة وتعزيز الحوار. وأشار د. عيوش إلى قاعدة الحوار الناجح الذي يؤسس لبناء الثقة كحسن النية، وقبول الطرف الآخر، واعتبار الدعوة إلى الحوار دعوة عربية إسلامية وغربية مشتركة في آن واحد، وأن لا يكون الحوار وسيلة للدعاية الدينية ونوعا من المجاملة ، وأن يكون منصفا وقائما على الفهم المتبادل. وطرح المحاضر في نهاية مداخلته أربعة أسئلة مهمة تستعرض معوّقات بناء الثقة ومشجّعاته من وجهتي النظر العربية والإسلامية من جهة و الغربية من جهة أخرى.
أما الدكتور ويللي رليكي فقد ركز في مداخلته على دور وسائل الإعلام في العلاقة بين الغرب والعرب وبخاصة مع المسلمين ولام المسؤولين المسلمين والعرب منهم على عدم القيام بشرح وتقديم الإسلام على ما هو عليه بدلا من تشويهه من كثير من الإعلاميين والسياسيين.ومن جهة ثانية أكد د. ويللي على انه في ألمانيا وحدها حوالي 480 منظمة تعمل من اجل الفلسطينيين ومساعدتهم،هذا إضافة إلى آلاف المؤسسات في الدول الأوروبية الناصرة للقضية الفلسطينية العادلة والتي لا تحل باللجوء إلى العنف بل بالحوار والتفاهم. كما وأشار إلى دور الاتحاد الأوروبي ومساعدته للفلسطينيين وأكد على وجود أصدقاء حقيقيين في ألمانيا وفي أوروبا للفلسطينيين ومن الخطأ التعميم واتهام أوروبا بنصرة إسرائيل ووقوفها ضد العرب أو الفلسطينيين.التعميم في الاتهامات هو جهل ولا يساهم في بناء الثقة، ومعرفة الحقيقة هي الطريق الوحيد لبناء الثقة والعمل معا من اجل العدل والسلام.
وبعد انتهاء المحاضرات والندوات لخص الدكتور جريس سعد خوري أيام المؤتمر، وشكر أعضاء مجلس أمناء اللقاء على الجهد الذي بذلوه في تحضير برنامج المؤتمر واتصالهم بالمحاضرين ، وشكر الموظفين في المركز والمساعدين المتطوعين خلال أيام المؤتمر على مساعدتهم، كما ووجه شكرا خاصا للحضور وللمحاضرين ولمديري الجلسات وللضيوف الأجانب على مساهماتهم في إنجاح المؤتمر وذلك إما من خلال المحاضرات القيمة أو النقاش والمداخلات التي كانت موضوعية وصريحة وأحيانا نقدية وتقبلها الجميع بروح طيبة مما يدل على المستوى الأكاديمي الرائع الذي تميز به المؤتمر. وقبل قراءة البيان الختامي قرأت الطالبة جوانا مطر مقاطع من قصيدة الشاعر محمود درويش “سجل أنا عربي”، وذلك بمناسبة مرور عام على وفاته.
وكان البيان الختامي الذي أعده عدد من مجلس الأمناء مسك الختام لأيام المؤتمر وقد جاء فيه:
عقد مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة دورته الحادية والعشرين من سلسلة مؤتمراته السنوية في الفترة الواقعة من 13 حتى 15 آب 2009 في فندق جاسر (الانتركنتيننتال) في مدينة بيت لحم، وذلك تحت عنوان:
بناء الثقة بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب
تجارب الماضي وآفاق المستقبل
وقد حضر المؤتمر عدد كبير من العلماء والمفكرين والمثقفين والمؤرخين ورجال الدين من جميع أنحاء فلسطين ومن بعض الدول الأوروبية ومن الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ناقشوا عدداً من المحاضرات المتعلقة بالسجال الحضاري والاجتماعي والسياسي بين العرب وبين الغرب منذ أقدم العصور حيث انساحت هذه المحاضرات على الأزمنة التاريخية بدءاً من الحقبة السابقة للإسلام، مروراً بالحقب الإسلامية المتتابعة التي تبدأ بالفترة الأولى من حياة الدعوة حتى نهاية الحقبة الراشدة فالفترة الأموية، تليها العباسية، فالعثمانية، مع التعريج على الفترة الأندلسية، لتنتهي بمناقشة ضافية لدور الفكر الديني في بناء الثقة بين العالمين المشار إليهما (العربي والغربي) وتختم بكيفية بناء هذه الثقة.
وقد خلص المؤتمرون إلى العديد من النتائج يمكن إجمالها في الآتي:
1. كانت العلاقات وما زالت تراوح بين مد وجزر.
2. ينبغي التركيز على الجوانب الايجابية في هذه العلاقات واجتناب النواحي السلبية.
3. يتوجب على هذه العلاقات أن تكون في اتجاهين أخذاً وعطاء.
4. لقد خلق الله الناس جميعاً ليكونوا شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتعاونوا لا لكي يتحاربوا ويتصارعوا.
5. العمل على حشد رأي عام عربي عقلاني يحسن مخاطبة العالم حول قضيتنا الفلسطينية العادلة.
6. الانطلاق من مفهوم المصالح المشتركة التي تحكم العلاقات الدولية لحشد التأييد الدولي لقضيتنا.
7. تفعيل دور الجاليات العربية والإسلامية في العالم وكذلك السفارات والقنصليات ووسائل الإعلام في الدول الأجنبية بالتواصل المستمر، بالوسائل الكثيرة المتاحة.
كما وطالب المشاركون في المؤتمر جميع الفصائل والأحزاب الفلسطينية بذل كل الجهود من اجل حوار بناء، مؤكدين على ضرورة وأهمية وحدة الوطن الفلسطيني ووحدة أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع والشتات، وذلك من اجل الوصول إلى الهدف المنشود الواحد الذي هو بغية كل فلسطيني وان اختلفت السبل في الوصول إليه ألا وهو إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.