مؤتمر “اللاهوت والكنيسة المحلية” في بيت لحم يستنكر الهجمة الشرسة على غزة ويندد بمجازر الاحتلال ويدعو للوحدة الوطنية
المؤتمر يبحث في التحديات المستقبلية التي تواجه اللاهوت المحلي بعمق وفكر منفتح من خلال المحاضرات والمناقشات التي شارك فيها عدد كبير من المثقفين الفلسطينيين المسيحيين ورجال الدين من منطقة بيت لحم والجليل
على مدى ثلاثة أيام أقام مركز “اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقسة” دورته الـ16 لمؤتمر “اللاهوت والكنيسة المحلية” بعنوان “أي فكر لاهوتي لأي مستقبل؟” وذلك من 16-18 كانون ثاني الجاري في مدينة بيت لحم. صدر في نهايته بيان اجمالي للمؤتمر تلاه الدكتور جريس سعد خوري ، مدير مركز اللقاء جاء فيه استنكار المشاركين الشديد للهجمة الوحشية الأخيرة التي قامت بها اسرائيل على قطاع غزة، ودعوة المسيحيين للمشاركة في الحياة العامة لشعبهم، والعمل على انجاز مشروع لاهوت محلي يناسب المكان ويجيب على التحديات المعاصرة.
وكان المؤتمر قد افتتح رسميا مساء الخميس الماضي بحضور عدد من أعضاء وأصدقاء المركز من منطقتي بيت لحم والجليل، كما حضره رئيس بلدية بيت جالا وعدد من المسؤولين المدنيين والدينيين. تحدث في افتتاح المؤتمر كل من غبطة البطريرك الأورشليمي اللاتيني فؤاد الطوال
وسيادة المطران مار سويريوس ملكي مراد، مطران الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وسيادة المطران سهيل دواني، مطران الكنيسة الانجيلية
وكانت الكلمة الختامية لمدير مركز اللقاء، د. جريس سعد خوري وجاء في كلمته:” لقد أكدنا على عقد المؤتمر في هذه الظروف لنقول كلمتنا بصراحة وجرأة ولنستنكر بشدة الدمار الذي تتعرض له دور العبادة والخدمات الصحية والمدارس في غزة، ولنسمع صوتنا عاليا ضد المجازر البشعة التي طالت الأطفال والنساء.” وأضاف د. خوري “يقع لوم كبير علينا وعلى فصائلنا أولا، فالانقسام الداخلي أضعفنا وألهانا عن هدفنا المنشود. حتى لو وجهنا اللوم للقادة العرب على تآمرهم، فان اللوم الكبير يقع علينا لأننا نحن أصحاب القضية.”
بعد جلسة الافتتاح ابتدأت أعمال المؤتمر وجلساته فكانت المحاضرة الأولى بعنوان “أي فكر لاهوتي في كنائس الشرق والأرض المقدسة” قدمها، القس د. متري الراهب وأدارها الأرشمندريت جوزيف صغبيني.
أعمال اليوم الثاني: محاضرات تبحث في التحديات أمام اللاهوت المحلي
وفي اليوم التالي يوم الجمعة تواصلت أعمال المؤتمر، وكانت المحاضرة الأولى للأب د. رفيق خوري حول “فكر مسيحي جديد لأزمنة جديدة” أدارها د. شارلي أبو سعدى، تناول فيها المحاضر الفكر اللاهوتي الجديد الذي ظهر في رسائل بطاركة الشرق الكاثوليك على مدار ربع قرن. وافتتحها بعبارات مؤثرة حول ما يجري في غزة قائلا:” تساءلت مثل الكثيرين عن جدوى عقد المؤتمر في ظل المجازر في غزة، حيث يحرق المجرمون الأخضر واليابس. نحن هنا معا لنؤكد إرادة الحياة والتحدي في وجه الموت والاستسلام، حيوية الفكر في مواجهة ظلمة الخنوع، قدرة الأمل في وجه من يقتلون الأمل لذا نحن هنا دون تردد، لا نسمح لأي قوة طاغية قتل الحياة فينا.”
وكانت المحاضرة الثانية للأب د. جمال خضر بعنوان “التحديات الفلسطينية والفكر اللاهوتي” أدارها السيد الياس مخول، توقف فيها المحاضر عند التحديات الفلسطينية التي تواجه اللاهوت ومنها الحوار مع المسلمين واليهود. أما المحاضرة الثالثة فقدمها د. حنا كتناشو حول الفكر اللاهوتي والثقافة الفسطينية، أدارتها السيدة هنادي سوداح-يونان. وانتهى اليوم بندوة حول المراكز ذات العلاقة في الأرض المقدسة شارك فيها القس د. نعيم عتيق، مدير مركز “السبيل” ود. جريس سعد خوري، مدير مركز “اللقاء” وأدارها الأستاذ صليبا الطويل. استعرض فيها المحاضران عمل مركزيهما ونشاطاتهما ورؤيتهما، كما تطرقا إلى سبل تعزيز التعاون بين تلك المراكز التي يكمل أحدها الآخر.
أعمال اليوم الثالث: مستقبل المسيحيين في الأرض المقدسة
وفي اليوم الأحد، الثالث والأخير قدم الأب د. بيتر ديبرول محاضرة جول رواية الميلاد والتحديات الحاضرة، أدارها د. عدنان مسلم. وكانت الندوة الأخيرة بعنوان ” مستقبل المسيحيين في الأرض المقدسة” شارك فيها غبطة البطريرك ميشيل صباح، سيادة المطران الياس شقور، د. برنارد سابيللا والسيد رفعت قسيس، قدم لها وأدارها الصحفي زياد شليوط، فطرح في بدايتها مجموعة من التساؤلات على المشاركين ومنها: عن أي مستقبل نتحدث، وهل نحن نقرر فيه لوحدنا، وهل لنا مستقبل في المنطقة، وهل مستقبل المسيحيين في فلسطين مشابه لمستقبل اخوتهم في اسرائيل؟ كانت المداخلة الأولى لغبطة البطريرك ميشيل صباح، فقال:” نعم لنا مستقبل، لأن الله أرادنا أن نكون هنا، أرضنا لنا، والعالم كله يتواجد فيها سياسيا دينيا. ونحن جزء من شعب ولسنا فئة مغلقة، وان كنا مؤمنين لن تكون قيمة للعدد. مستقبلنا بيدنا ونحن الذي نصنعه بمعنى الاعتماد على أنفسنا وألا نكون اتكاليين، فكثيرا ما نسمع أنه على الغرب أو الفاتيكان أن يساعدنا، لكن خلاصنا لن يأتي من هناك.” وتابع غبطته ” نعيش كلنا في واقع احتلال، والمقاومة واجبة على الجميع، لكن المقاومة أشكال، وعلينا ان نرى الشكل المناسب لنا. بعد غزة اختلطت الأمور، وبتنا بحاجة لرؤية صحيحة تخترق الحواجز.”
سيادة المطران الياس شقور أشار إلى أن تحديد مستقبلنا متعلق بتحديد هويتنا، فنحن فلسطينيون ومواطنو دولة اسرائيل، هويتنا هي في الرسالة التي نحملها لمجتمعنا وللعالم، كما أضاف ” يطرحون حل دولتين لشعبين، أخشى أن يقود هذا لدولة لاسرائيل ودولة للمستوطنين، بينما يبقى الفلسطينيون على هامش الدولتين. يجب أن نربي أولادنا على السماحة وهي أعلى من التسامح، وكذلك على الحوار وهذا ما نفعله يوميا مع أبنائنا في مدارسنا.”
وكانت المداخلة الثالثة للدكتور برنارد سابيللا، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الذي اقترح وضع استراتيجية ترسم أجندة المجتمع المستقبلي للمسيحيين سواء في فلسطين أو اسرائيل، على النحو التالي ” أن نندمج في المجتمع وقضاياه، فالهوية المستقبلية لا يمكن أن تكون دينية. لكن نرى أن المسيحيين يختارون العيش على الهامش، فمن خلال الخطة يجب ضمان تفعيل من يعيش على الهامش.” وكانت المداخلة الأخيرة للسيد رفعت قسيس، مدير فرع فلسطين للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، الذي قدم موجزا لدراسة احصائية حديثة يقوم بها تدل على حضور مسيحي ناشط في المجتمع الفلسطيني سواء في منطقة الضفة الغربية أو في غزة، ففي غزة يعيش حوالي 2500 مواطن لديهم 3 مدارس، 4 عيادات صحية ومستشفيين. 40% من النساء يعملن ومعدل أفراد العائة 6 أفراد. ومن الأمثلة على الحضور المسيحي في الحياة الفلسطينية العامة وجود 6 أعضاء في المجلس التشريعي، 7 سفراء، 12 رئيس سلطة محلية ووزيرين.
وفي ختام المؤتمر تلا الدكتور جريس خوري البيان الختامي للمؤتمر.
اليوم الأول: الجمعة 16/1/2009
15:00-16:00 تسجيل
16:00-17:00 صلاة وقراءة من الكتاب المقدس: الأب يعقوب أبو سعدى
الاستاذ لورنس سمور
كلمات الافتتاح- غبطة البطريرك فؤاد طوال
سيادة المطران سهيل دواني
سيادة المطران مار سويريوس ملكي مراد
د.جريس سعد خوري
17:00-17:30 استراحة وتضييفات
17:30-:19:00 محاضرة بعنوان: أي فكر لاهوتي في كنائس الشرق عامة وفي كنيسة الأرض المقدسة خاصة
المحاضر: القس د. متري الراهب
تقديم وإدارة: الارشمندريت جوزيف صغبيني
19:00-20:00 عشاء
اليوم الثاني: السبت 17/1/2009
8:00-8:45 فطور
8:45-9:00 صلاة وتأمل : الأب د. إبراهيم شوملي
9:00-10:30 محاضرة بعنوان: فكر مسيحي جديد لأزمنة جديدة: رسائل بطاركة الشرق الكاثوليك
المحاضر: الأب د. رفيق خوري
تقديم وإدارة: د. شارلي أبو سعدى
10:30-11:00 استراحة (قهوة + شاي)
11:00-12:30 محاضرة بعنوان: التحديات الفلسطينية والفكر اللاهوتي
المحاضر: الأب د. جمال خضر
تقديم وإدارة: السيد الياس مخول
12:30-13:30 حلقات دراسية- السيدة سيما غوالي
13:30-14:30 غذاء
14:30-16:00 استراحة (قهوة + شاي)
16:00-17:30 محاضرة بعنوان: الفكر اللاهوتي المحلي والثقافة الفلسطينية
المحاضر: د. حنا كتناشو
تقديم وإدارة: السيدة هنادي سوداح يونان
17:30-18:00 استراحة (قهوة + شاي)
18:00-19:00 حلقات دراسية – المحامية بادرة خوري خورية
19:00-20:30 ندوة بعنوان: مراكز اللاهوت في الأرض المقدسة ورؤاها اللاهوتية وآفاق التعاون في ما بينها
المشاركون: القس د. نعيم عتيق – مركز السبيل
القس د. متري الراهب – دار الندوة
د. جريس سعد خوري – مركز اللقاء
تقديم وإدارة: السيد صليبا الطويل
اليوم الثالث: الاحد 18/1/2009
7:30-8:45 فطور
8:45-9:00 صلاة وتأمل: السيد عامر البابا
9:00-10:30 محاضرة بعنوان: رواية الميلاد والتحديات الحاضرة
المحاضر: الأب د. بيتر ديبرول
تقديم وإدارة: د. عدنان مسلم
10:30-11:00 استراحة (قهوة + شاي)
11:00-13:00 ندوة بعنوان: مستقبل المسيحيين في الأرض المقدسة
المشاركون: غبطة البطريرك مشيل صباح
سيادة المطران الياس شقور
د. برنارد سابيلا
السيد رفعت قسيس
تقديم وإدارة: السيد زياد شليوط
13:00-13:30 تلخيص المؤتمر
13:30-14:30 غذاء ومغادرة
البيـان الختـامي
شارك في المؤتمر عدد كبير من رجال الدين وفي مقدمهم غبطة البطريرك فؤاد طوال والبطريرك مشيل صباح والمطران الياس شقور والمطران مار سويريوس ملكي مراد والمطران سهيل دواني وعدد من الكهنة والعلمانيين.
لقد أدان المشاركون الممارسات الوحشية وغير الإنسانية التي يقوم بها جيش الاحتلال في قطاع غزة الحبيب. لقد قتلوا الأطفال الأبرياء ودمروا الأرض وما عليها، ولم يتركوا مسجداً ولا كنيسة ولا مستشفى ولا مدرسة ولا روضة أطفال دون ان يدمروها، لقد عاثوا فسادا في القطاع الصامد.
وحيّا المشاركون صمود أبناء شعبنا وتشبثهم بأرضهم وحيّوا تمسكهم بحقهم وحقنا جميعا في تحقيق العدل والسلام. كما حيّا المجتمعون الشعوب التي عبّرت عن تعاطفها مع شعبنا الفلسطيني ومطالبة حكوماتهم بالتدخل لوقف شلال الدم ووقف هذا العدوان المجنون الذي يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب الفوري والشامل ليس من كل شبر في قطاع غزة فقط بل من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وفتح المعابر ورفع الحصار القاتل عن أهلنا. كما أكد المشاركون على ضرورة الوحدة الوطنية التي هي السلاح الأقوى في مواجهة التحديات والأخطار والمؤامرات التي تحاك ضدنا بل ضد وجودنا كمسيحيين ومسلمين في هذه الأرض المقدسة.
هذا وقد ناقش المجتمعون العديد من القضايا اللاهوتية وتوصلوا إلى ضرورة العمل على تطوير لاهوت محلي يلبي حاجة المؤمنين لفهم عقائدهم والكتاب المقدس. كما أكد المشاركون من علمانيين ورجال دين على أهمية الصمود والبقاء في أرضنا المقدسة بالرغم من صعوبة الوضع وان يُشارك المسيحيون مشاركة كاملة في الحياة العامة مع أبناء شعبهم لأنهم معاً يصنعون المستقبل ويحررون الأرض ويقيمون الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.