مركز “اللقاء” للدراسات يعقد الدورة العشرين لمؤتمر التراث العربي للمسيحيين والمسلمين في الأراضي المقدسة تحت عنوان ” الواقع الفلسطيني: هموم وتحديات” في مدينة بيت لحم
المؤتمر يدعو لصيانة الوحدة الوطنية ونبذ كل ما يضربها، ويدعو إلى تعليم الثقافة الدينية المشتركة في المدارس
بيت لحم- مركز اللقاء
على مدار ثلاثة أيام حافلة بالمحاضرات والندوات والحوار الغني من الخميس حتى السبت (10-12 تموز)، عقد مركز “اللقاء” للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة، مؤتمر التراث في دورته العشرين، تحت عنوان ” الواقع الفلسطيني: هموم وتحديات”، حيث تلا في نهايته الدكتور جريس سعد خوري، المدير العام لمركز اللقاء توصيات المؤتمر التي تلخصت بالدعوة لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية والابتعاد عن الخلافات الداخلية التي تسيء لها. الدعوة لتهذيب الخطاب الديني والابتعاد عن كل ما يسيء للطرف الآخر. والدعوة لتعليم الثقافة الدينية، بحيث يتعلم الطالب عن ديانة الآخر بالإضافة إلى ديانته.
وفي تصريح خاص لصحيفة “البيان”، عقب الدكتور جريس خوري معقبا على نتائج المؤتمر، فقال :” أرى أن المؤتمر نجح على أكثر من صعيد، حيث ناقش عدة مواضيع هامة جدا وتهم الجميع مثل العولمة والدعوة للاستفادة من ايجابياتها وترك سلبياتها، وموضوع التفسير والاجتهاد في الديانتين المسيحية والاسلامية، كذلك المواضيع الأخرى مثل الإعلام التي صبت في الوحدة الوطنية والعيش المشترك وتعميق مفهوم احترام الواحد للآخر.”
أعمال المؤتمر: ندوات ومحاضرات في الإعلام والدين والسياسة
الندوة الأولى من أعمال المؤتمر كانت بعنوان ” التحديات التي تواجه الوحدة الوطنية” شارك فيها عضو المجلس الوطني الفلسطيني، السيد عيسى قراقع والشيخ جميل حمامة وأدارها الأستاذ موسى درويش.
وفي صباح اليوم التالي، الجمعة عقدت الندوة الثانية بعنوان ” التحديات الراهنة للحوار بين المسلمين والمسيحيين محليا ودوليا” شارك فيها الدكتور عبد الرحمن عباد والدكتور برنارد سابيلا، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وأدارتها السيدة هنادي سوداح يونان.
وجاءت الندوة الثالثة حول “دور الإعلام في مواجهة التحديات الراهنة”، كان أول المتحدثين فيها الزميل زياد شليوط، رئيس تحرير صحيفة “البيان”، فتحدث عن مسيرة الصحافة العربية داخل اسرائيل ومواجهتها للتحديات منذ قيام دولة اسرائيل حتى اليوم، وميز بين مرحلتين أساسيتين، الأولى امتدت حتى أوائل الثمانينات من القرن الماضي وتميزت باتجاهين رئيسيين الأول مثل خط الموالاة للسلطة والثاني مثل الخط المعارض لمخططات السلطة داخل المجتمع العربي. والمرحلة الثانية والتي تميزت بالتعددية إلى حد الانفلات اختلاط الأوراق، وهذا انعكس في انقلاب مفهوم التحديات التي تحولت إلى تجارية وترفيهية.
وكانت المداخلة الثانية للصحافية نضال رافع، التي تعمل في قسم التحقيقات الميدانية في المناطق الفلسطينية مع شبكة “السي.إن.إن” متحدثة عن نظرة الإعلام الغربي وخاصة الأمريكي لقضية الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال، مؤكدة على النظرة العدائية والرافضة للموقف الفلسطيني، والمتعاطفة مع وجهة النظر الاسرائيلية، ووجهت انتقادات موضوعية للتقصير الفلسطيني وسلبيات المجتمع، التي تغذي النظرة العدائية للفلسطينيين. وتلاها الصحفي ابراهيم ملحم، مدير البرامج في التلفزيون الفلسطيني متحدثا عن التبدل في الخطاب الإعلامي الفلسطيني بعد أوسلو، حيث طغت مصطلحات السلام وغيرها. وأعقب هذه الندوة محاضرة قيمة للدكتور مهدي عبد الهادي حول الصراع الإقليمي وأثره على العيش المشترك.
وشهد اليوم الثالث للمؤتمر ندوتين هامتين الأولى بعنوان ” العولمة وتداعياتها على المجتمع الفلسطيني” تحدث فيها المحاضران في جامعة بيت لحم، الدكتور عدنان مسلم والدكتور سليم الزغبي، تناول الأول سلبيات العولمة على الشعوب الضعيفة وخاصة العربية وبضنمها الفلسطيني، وتناول الثاني الجانب الايجابي للعولمة خاصة في المجال الاقتصادي، داعيا الى الاستفادة من ايجابيات العولمة بدل الاكتفاء بشتمها. وكانت الندوة الختامية بعنوان “الاجتهاد في الإسلام والتفسير في المسيحية” شارك فيها الدكتور حمزة ذيب ، فتحدث عن الاجتهاد، مقوماته، معناه، مشروعيته، مراتبه وشروطه. وعن التفسير تحدث الأب د.رفيق خوري مؤكدا أنه يستند للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وأن التفسير يدل على تعاون الهي – بشري.
حفل افتتاح المؤتمر
وكان المؤتمر قد افتتح بحفل رسمي، بعد ظهر الخميس تولى عرافته، الأستاذ موسى درويش، نائب مدير مركز اللقاء معتبرا عقد المؤتمر تأكيدا ودعما لرسالة مركز اللقاء. وتحدث غبطة البطريرك ميشيل صباح، رئيس مجلس امناء مركز اللقاء مشيدا بمسيرة المركز التي عنوانها المثابرة والتصميم من اجل تعميق الاخوة المسيحية الاسلامية في هذه الارض المباركة في مواكبة فكرية رائعة للواقع. وأعقبه الدكتور الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين فأكد في كلمته على عمق العلاقات التاريخية بين المسلمين والمسيحيين على هذه الأرض. من جانبه فقد اثر المطران الدكتور عطا الله حنا ان يضمن في كلمته العديد من الرسائل. وتلاه المطران بطرس معلم فدعا في كلمته إلى ثورة روحانية “تروحن” نفوس السياسيين بعدما فشلت كل أساليبهم.
وكانت الكلمة الختامية لمدير مركز اللقاء، الدكتور جريس سعد خوري.
البيان الختامي
عقد مركز اللقاء للدراسات الدينية و التراثية في الأرض المقدسة في مدينة بيت لحم الدورة العشرين من مؤتمر التراث بعنوان “الواقع الفلسطيني: هموم و تحديات” ما بين 10-12 تموز 2008 في فندق بيت لحم, حضرها عدد من رجال الدين المسيحيين و المسلمين و على رأسهم غبطة البطريرك ميشيل صباح و سماحة الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين و مجموعة من الأكاديميين و المثقفين و رجال الفكر. و قد أدانوا ما جرى و ما يجري على الساحة الفلسطينية و دعوا إلى المباشرة بالحوار الشامل لأن أي تأخير يزيد الوضع توتراً و تشرذماً مما يؤثر سلباً على قضيتنا الفلسطينية.
إن المجتمعين أكدوا على وجوب الصبر و العمل و تغذية الأمل فلا تسترخي الأيدي و لا يخذل الناس. هو مخاض طويل نحن فيه, و لا بد يوماً من ولادة, ولادة الحرية و الأرض و الإنسان الفلسطيني و العربي الذي يحب أخاه الفلسطيني و العربي و معه يبني فلسطين جديدة و عالماً عربياًَ جديداً.
و دعا المجتمعون إلى العمل على توجيه الخطاب الديني نحو احترام الديانات السماوية و الكف عن مهاجمة الآخر. كذلك تمنى المشتركون على مركز اللقاء أن يعقد مؤتمراً حول ” المشترك بين العرب و الغرب” يتناول الايجابيات و السلبيات في العلاقة بينهما. و أشار المؤتمرون إلى أهمية تعميم الثقافة الدينية لدى طلبة المدارس يدرسون فيها من جميع الديانات السماوية. و أكد المجتمعون على أهمية وحدة الوطن الفلسطيني ووحدة أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة و القطاع و الشتات و التأكيد على خصوصية القضية الفلسطينية حتى لا تذوب في حمّى العولمة التي تجتاح العالم.