المهجرون – الحاضرون الغائبون
السيدة راوية شنطي
محاضرة، معالجة نفسية… وعضو حركة ابناء البلد – فلسطين الداخل
نبذة تاريخية
بدأت الحركة الصهيونية بالتفكير, بالاستيلاء على ارض فلسطين في أواخر القرن الثامن عشر. حيث استغلت الحركة الصهيونية الأوضاع الدولية التي سادت حينها واستغلت الطائفة اليهودية من خلال ما حدث لهم في الهلوكس. بناءا على مقولة ثيودور هرتسل المشهورة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” كأساس. وعليها بنيت سياسة المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل-سويسرا سنة 1897 والذي عقد خصيصاً لهدف تأسيس دولة اليهود في فلسطين, ولكن بدون سكانها الفلسطينيين الأصليين المتواجدين عليها منذ ألاف السنين أي تفريغ فلسطين من سكانها الأصليين.
أيدهم في هذه السياسة الكثير من الساسة الانجليز (الدولة العظمى في ذلك الوقت)، اذ قال أحدهم إننا كبريطانيين نؤمن أن أرمينيا للأرمن والجزيرة العربية للعرب وأرض يهودا لليهود. حاول زعماء المؤتمر الصهيوني أخذ موافقة السلطان التركي في ذلك الوقت لأن فلسطين كانت ضمن إمبراطوريته ولكن السلطان رفض إعطاء أي حق لليهود في الاستيطان الحر في البلاد.
شجع الانتداب البريطاني على الهجرة اليهودية للبلاد، إذ نص على “إن الانتداب يكون مسؤولاً أن يضع البلاد (فلسطين) في موضع سياسي، اداري، واقتصادي ليؤمن تأسيس البيت الوطني لليهود ولكن بشرط أن يحافظ فيها أيضاً على الحقوق المدنية والدينية للمواطنين في فلسطين بغض النظر عن جنسهم أو دينهم.” (أخذت عن الكاتب Olin Chapman ) من كتابه Whose Promised Land صفحة 20).
لكن الدولة العبرية قامت على دمار الشعب الفلسطيني حيث تمت عملية القتل الجماعي داخل فلسطين وخارجها واستمرت هذه الاعمال الاجرامية حتى بعد الاعلان عن قيام “دولتهم” فكانت المجازر في كل من الطنطورة, كفر قاسم, دير ياسين, صبرا وشاتيلا وغيرها…. وتم تشتيت الشعب الفلسطيني في كل أنحاء المعمورة ومصادرة اراضية حيث بقي منه داخل فلسطين “اسرائيل” المعلنة عام 49 قرابة 160,000\150,000 نسمة فقط أي ما يقارب ثلث الشعب الفلسطيني شكل المهجرون حوالي 25%منهم. جزء منهم هدمت قريته\مدينته مما اضطرهم الى الهجرة الى بلدة قريبة او الى مكان اخر في فلسطين او خارجها بالقوة او بالحيلة, حيث طلب الحاكم العسكري من بعض سكان هذه القرى ان يخرجوا من بيوتهم لبضعة ايام من اجل اجراء الترتيبات اللازمة, وحين عاد السكان وجدوا سكانا اخرين مكانهم ومنعوا من الرجوع اليها بعد اعلان الهدنة. اما من بقوا في بلدتهم فقد مارست الدولة ضدهم سياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
ومثلما يسكن غالبية اللاجئين الفلسطينيين في الضفة والقطاع والدول المحاذية لفلسطين فان غالبية المهجرين يسكنون في قرى ومدن قربيه جدا من الأماكن التي تم تهجيرهم منها, حيث يسكن اليوم جزء كبير منهم على بعد كيلومترات قليلة عن بلدهم الأصلية, ربما ينتظرون العودة القريبة. في بعض القرى يشكل المهجرون غالبية السكان.
فرض الحكم العسكري على الفلسطينيين في الداخل “إسرائيل” خلال الفترة 1948-1966. طبق هذا القانون على كل فلسطيني في الداخل بما فيهم المهجرين أي ان هذا القانون لا يشمل اليهود. اهداف الحكم العسكري:
منع اللاجئين الفلسطينيين في الداخل من العودة الى قراهم ومدنهم التي هجروا منها.
اخلاء القرى الفلسطينية شبه المهجورة وترحيل اهلها الى مناطق اخرى داخل اسرائيل او خارجها وذلك لتسهيل عملية الاستيطان اليهودي (انا افضل استعمال كلمة الاستعمار الصهيوني وليس الاستيطان فهم مستعمرون وليسو مستوطنون فقط).
توفير الاجواء وفسح المجال لمصادرة اراضي الفلسطينيين.
تقليص اعداد الفلسطينيين قدر المستطاع خاصة المهجرين منهم في الداخل, بناءا على ذلك فقد نفذت السلطات الاسرائيلية عمليات طرد الفلسطينيين الى ما وراء الحدود. يجب التذكير هنا ان مثل هذه المحاولات ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا من خلال الاستمرار في عمليات مصادرة الاراضي بحجج
مختلفة, تقليص فرص العمل امام الفلسطينيين في الداخل مما يؤدي الى ضائقة مالية ,ملاحقتهم سياسا واستغلال العادات والتقاليد لمطاردة الوطنيين اجتماعيا وغيرها وغيرها…
الغالبية العظمى من المهجرين يعيشون اليوم في الجزء الشمالي من فلسطين, مناطق عكا, صفد, طبريا, شفاعمرو, حيفا والناصرة. ففي الناصرة هنالك حارة كاملة لمهجرين من صفورية تسمى بحارة الصفافرة. اهل البروة مثلا يسكنون في جديدة والمكر, اهل الدامون يسكنون في طمرة وكابول. اهل الغابسية يسكنون في دنون والمزرعة. جزء من اهل ميعار, عنبته, دامون, صفورية, الكساير, الخراب, وغبرها تسكن في مدينة شفاعمرو.
مسلسل سن القوانين منذ احتلال فلسطين عام 1948 (قيام دولة “إسرائيل”) حتى إلى يوم الأرض
لقد حاولت حكومات “إسرائيل” المتعاقبة جاهدة تركيز جل جهدها في إيجاد طرق إرهابية, وعنصرية من اجل دفع الفلسطينيين المتواجدين على أراضيهم في فلسطين الداخل “إسرائيل” للهجرة بسبب سياسات التضييق على جميع الأصعدة: السياسي, الاقتصادي, الاجتماعي والإنساني. فبادرت بسن\إصدار القوانين واحدا تلو الأخر لكي تحصل على التغطية القانونية في ممارساتها العنصرية “الديمقراطية”؟؟؟ تجاههم.
إن التركيز في هذه المحاضرة سوف يكون على موضوع الغائبين الحاضرين – المهجرين داخل فلسطين 48 “إسرائيل” والذي ولد نتيجة الاحتلال ومصادرة الأراضي الكبرى للفلسطينيين في الداخل. لشرح وفهم الموضوع سوف أورد لكم بعض من تلك القوانين والتي توضح مدى فظاعة ووحشية الاحتلال:
قانون الطوارئ الانتدابية البريطانية – المادة 125, أعلنت الحكومة “مناطق الأمن” لعام 1949. وبموجب ذلك أعلنت مناطق واسعة مناطق مغلقة لا يحق للعرب التواجد فيها. وشمل ذلك قرى أجلي منها أهلها مثل الغابسية والمجيدل ومعلول وصفورية والدامون وميعار وكفربرعم واقرث وغيرها. والهدف من هذا الأمر منع سكان هذه القرى من العودة اليها. (عملية اجلاء)
أنظمة الطوارئ لمصادرة “الأراضي البور”. وكيف كانت تتم العملية؟ يعلن وزير الدفاع عن أراضي قرى معينة (باستثناء التي أجلي عنها أهلها) مناطق مغلقة يمنع الدخول اليها الا بتصريح. وهكذا يمنع صاحب الأرض من الوصول اليها وفلاحتها. وعندما كان يتوجه للحاكم العسكري طالباً تصريحاً للوصول الى أرضه يرفض الحاكم العسكري اعطاءه التصريح الذي يمكنه من الوصول الى أرضه وفلاحتها. وهكذا تتحول الى أرض بور. وعندها يأتي وزير الزراعة ويضع يده عليها بحجة أنها أرض بور غير مفلوحة ويعطيها للكيبوتسات والمستوطنات لفلاحتها.(ابعاد ومن ثم استيلاء ومصادرة)
ثم اتبعت الحكومة ذلك بقانون الغائبين لعام 1950. وبموجب هذا القانون استولت ادارة القيم على أملاك الغائبين الملحقة بوزارة المالية والتي أقيمت لهذا الغرض، استولت على أملاك ريفية في 350 قرية عربية متروكة أو نصف متروكة، وتبلغ مساحة أراضيها 3,5 مليون دونم (بما فيها 80 ألف دونم بيارات برتقال و 300 ألف دونم بساتين وفواكه). (استيلاء)
واعتبر هذا القانون عدداً كبيراً من المواطنين العرب في فلسطين الداخل “اسرائيل” غائبين. والغائب: هو كل شخص كان مواطناً فلسطينياً، ترك في أي وقت بعد 47/11/29 (يوم صدور قرار التقسيم في هيئة الأمم المتحدة) وحتى 48/9/1، مكان اقامته الاعتيادي في فلسطين، الى مكان خارج فلسطين أو الى أي مكان كان تحت سيطرة قوات أرادت منع قيام دولة اسرائيل.
ومنح القانون القيم على أملاك الغائبين الحق بالاعلان عن أي شخص “غائباً”، وعلى هذا الشخص أن يثبت العكس. واعتبرت الأوقاف الاسلامية، وتشمل عشرات آلاف الدونمات وآلاف الممتلكات في المدن الكبيرة والصغيرة، اعتبرت أموالاً متروكة على الرغم من وجود المسلمين واحتياجاتهم الدينية والاجتماعية لهذه الممتلكات ولريعها.
وعلى هذه الاراضي التي صودرت أقيم بين 1953-1947، 350 مستوطنة من مجموعة 370 مستوطنة أقيمت في هذه الفترة.
وصدر في العام 1953 قانون استملاك الاراضي (الموافقة على الأعمال والتعويضات). وجاء هذا القانون ليمنح الحكومات الاسرائيلية صلاحيات واسعة للاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي العربية، وليثبت مصادرة الأراضي التي تمت مصادرتها وينص على تعويض أصحابها بمبالغ ضئيلة هي أقرب الى السرقة الشرعية. وقد رفض، على العموم، أصحاب الأراضي الحصول على هذه التعويضات الهزيلة. (استملاك)
وخولت المادة الثانية من هذا القانون وزير المالية صلاحية اصدار شهادات تنشر في الجريدة الرسمية تشهد أن أرضاً لم تكن بتصرف مالكها في 52/4/1 أو كانت مستخدمة أو مخصصة بين 48/5/14 (تاريخ اعلان قيام الدولة) و 52/4/1 لمقتضيات التعمير والإنشاء الحيوية أو الاستيطان والأمن، وانها لا تزال لازمة لإحدى هذه الغايات.
وبمجرد صدور هذه الشهادات تصبح الأراضي المعنية ملكاً لسلطة الانشاء والتعمير الحكومية. أي أن هذا القانون جاء ليمنح الحكومة ملكية الأراضي التي تم وضع اليد عليها واستعمالها بموجب القوانين السابقة – وقد صدرت شهادات عديدة من قبل وزير المالية بالنسبة لمساحات واسعة من الأراضي تشهد بأنها متروكة، على الرغم من أن أصحابها بقوا يعملون عليها بكامل الحرية (مثال على ذلك في مجد الكروم وقلنسوه)، وقررت محكمة العدل العليا أن لا صلاحية لها في النظر في شكاوي هؤلاء المتضررين من العرب الفلسطينيين الذين صودرت أراضيهم مورد رزقهم، حتى وإن كانت شهادات وزير المالية غير صحيحة ومخالفة للواقع.
أمثلة على المصادرة التي تمت بموجب هذا القانون:
البروة منطقة عكا كل أراضيها 13542 دونماً
الطيبة منطقة المثلث جزئياً 23000 دونماً
عمقه منطقة عكا كل أراضيها 6068 دونماً
جلجولية منطقة المثلث جزئياً 10468 دونماً
كويكات منطقة عكا كل أراضيها 4733 دونماً
كفربرعم منطقة صفد كلياً 11700 دونماً
حرفيش منطقة صفد جزئياً 2950 دونماً
كفرفاره منطقة صفد كلياً 7229 دونماً
كابول منطقة عكا جزئياً 2260 دونماً
معليا منطقة عكا جزئياً 12800 دونماً
صفوريه منطقة الناصره كلياً 47000 دونماً
باقة الغربية منطقة الخضيرة جزئياً 10995 دونماً
الدامون منطقة عكا كلياً 10450 دونماً
جت منطقة الخضيرة جزئياً 4320 دونماً
الطيرة منطقة المثلث جزئياً 23000 دونماً
أم الفحم منطقة الخضيرة جزئياً 34600 دونماً
وصدرت هذه الشهادات في الجريدة الرسمية بين 53/6/25 و 54/2/2. وما أن انتهى العام 1954 حتى وصلت مساحة الأراضي العربية المصادرة حوالي 300 ألف دونم، أو نصف ما يملكه العرب مواطنو دولة اسرائيل (الاتحاد 54/12/18).
ثم جاء قانون مرور الزمن لعام 1958. كان للفلاح الحق في ملكية الأرض اذا أثبت تصرفه بأرض أميرية أو أرض موات لمدة عشر سنوات. فجاء القانون الجديد ليزيد مدة مرور الزمن الى 15 أو 20 سنة. ومكن هذا القانون السلطات من مصادرة آلاف الدونمات وخاصة في الجليل.
في العام 1960 تم تعديل قانون الأراضي. كان قد سجل زمن الانتداب أراضي كانت تستخدم لحاجات القرى كالبيادر أو التحطيب والري، على اسم المندوب السامي قيّماً عليها لمصلحة احتياطات القرية لعدم وجود سلطات محلية في القرى العربية. فجاء القانون يمنح الحكومة صلاحية تغيير نوعية هذه الأراضي وتحويلها الى أراضي لا تتصرف بها القرية بل الحكومة لأغراض أخرى استيطانية مثلاً. وهكذا استولت السلطات على أراضي عرب الخوالد وطبعون والعميرات والعمرية (قرب شفاعمرو) ومنحت هذه الأراضي لمستوطنة رمات يوحنان (الاتحاد 1960/8/13) وحدث هذا في قرى عديدة.
واستخدمت الحكومة قانون المنافع العامة، وهو قانون انتدابي قديم لمصادرة أراضٍ عربية. فصادرت عام 1956 ما مساحته 1200 دونماً من أراضي الناصرة لاقامة الناصرة العليا. وفي العام ذاته صادرت 20 ألف دونماً من أراضي قرى الشاغور، البعنة، دير الأسد، مجد الكروم، نحف وعرب السواعد وتشمل هذه الأراضي حقول زيتون ومحاجر رخام عربية، صادرتها لبناء كرميئيل. وهنا برز عارياً المخطط العنصري في تهويد الجليل.
وكان الحاكم العسكري قد أبلغ في كانون أول 1955، جميع مخاتير سخنين وعرابه وديرحنا وعرب السواعد وقرى الشاغور – مجد الكروم ودير الأسد والبعنه ونحف والرامة وكذلك مخاتير قرى منطقة شفاعمرو، بحضور مدير بوليس عكا، انه يعلن جميع الأراضي الواقعة على بعد كيلومتر شمال الطريق العام الممتد من ميعار الى سخنين وعرابه وديرحنا وجنوب الطريق العام الممتد من مجد الكروم الى الرامه منطقة مغلقة يمنع الدخول اليها. وكل من يخالف هذا الأمر يعرض نفسه للسجن 5 سنوات، أو غرامة قدرها 5 آلاف ليره أو كلتا العقوبتين معاً. وعلم أن عدداً من المخاتير رفض التوقيع على التبليغ المذكور وهذه هي المنطقة رقم 9.
واستمرت مصادرة الأراضي العربية بحجج مختلفة. واستغلت ادارة أراضي “اسرائيل” الضائقة السكنية في القرى العربية والنقص في أراضي البناء. فكانت تعرض على المواطنين اعطاءهم أرضاً للبناء، دونماً أو أقل، مقابل التنازل عن أراضيهم المصادرة التي قد تصل عشرات الدونمات.
وجاءت هجمة جديدة من قبل السلطات لمصادرة مساحات واسعة من أراضي الجليل، لتنفيذ مشروع تهويد الجليل، ولاحقاً في النقب في مطلع 1975. وأثارت هذه المصادرات نقمة واسعة بين الجماهير العربية. وكانت هذه المصادرات الدافع المباشر الى اقامة لجنة الدفاع عن الأراضي العربية في آب 1975.
وفي العام 1979 صدر قانون استملاك الأراضي في النقب لمصادرة مساحات واسعة من أراضي عرب النقب بذريعة تنفيذ اتفاق كامب ديفيد لبناء قواعد عسكرية ومطارات جديدة في النقب بدلاً من تلك التي كانت في سيناء وشملت المصادرة 150 ألف دونم توجب اخلاءها خلال 3 أشهر.
وقصة العرب البدو في النقب، هي مأساة متواصلة، بدأت بقيام الدولة وما زالت مستمرة حتى اليوم. وهدف السلطة اقتلاع العرب البدو من مضاربهم وأراضيهم، وحشرهم فيما يسمى بالبلدات (التي هي أشبه بالجيتوات)،
ليكونوا قوة عمل رخيصة تخدم الصناعة والزراعة اليهودية في المنطقة. وأقيمت الدوريات الخضراء السيئة الصيت للمساعدة على تنفيذ هذا المخطط.
بعد كل هذه المصادرات لم يبق في يد القرى العربية سوى مساحات صغيرة من الأراضي. وفيما يلي أمثلة على ما كانت تمتلكه القرى العربية وما بقي بعد المصادرات:
كفر قاسم كانت تمتلك عام 1949 27 ألف دونم وكان عدد سكانها 1700 نسم، في العام 1979 أصبح عدد سكانها 6250 نسمة وبقي من أراضيها بعد سلسلة المصادرات 1200 دونم.
الطيبة كانت تمتلك في العام 1949 32 ألف دونم وكان عدد سكانها 4900 نسمة، وفي العام 1976 كان عدد سكانها 15 ألف نسمة يمتلكون 19 ألف دونم.
أم الفحم كان تمتلك 120 ألف دونم ولم يبق في حوزتها سوى 7 آلاف دونماً.
سخنين كانت تمتلك 95 ألف دونم وكان عدد سكانها 6 آلاف نسمة، بقي 17,500 دونم.
عرابة كانت تمتلك 19 ألف دونم وكان عدد سكانها 1880 نسمة، بقي 10 آلاف دونم.
ديرحنا فقدت 7 آلاف دونم من أصل 16 ألف كانت تمتلكها في العام 47 وقفز عدد سكانها من 900 الى 4000 نسمة عام 76.
كانت المصادرة الكبرى سنة 1975 هي الحافز لتأسيس لجنة الدفاع عن الأراضي في اسرائيل. وكانت هذه اللجنة هي التي قادت نضالات شعبنا وتحضيره سياسياً ونفسياً وجسدياً ليقوم بالأعمال الجبارة ضد مصادرة الأراضي في “اسرائيل”، وأعلنت الإضراب العام في الثلاثين من آذار سنة 1976 حيث سقط في هذا الاضراب ستة شهداء أبرياء والعديد من الجرحى والمئات من المعتقلين نتيجة الهجوم الوحشي الغاشم ضد الديمقراطية الاسرائيلية ولتركيع شعبنا ومنعه من المطالبة بحقوقه المدنية والسياسية. ولكن هذا الحدث كان الشرارة والمؤشر الذي أخرج المارد الفلسطيني من القمقم.
هذه “الديمقراطية الاسرائيلية” التي حاولت ولا تزال تحاول، متابعة سياسة “فرق تسد” لمنع تكتل شعبنا للمطالبة بحقوقه المشروعة والبقاء على أرض الآباء والأجداد. ولكن أبناء شعبنا جعلوا من يوم الأرض الطاهر يوماً نضالياً من أجل الوحدة دفاعاً عن الأرض وعن حقهم في العيش بكرامة في وطنهم، ومن أجل تحرير الشعب اليهودي من آرائه المسبقة وقوالبه النمطية التي صاغها ضد شعبنا العربي الفلسطيني خاصة والشعب العربي في كل مكان.
ان واحدة من نتائج السياسة المبرمجة لحكومات اسرائيل المتعاقبة في مصادرة الأراضي، والتي سنت من أجلها ما يزيد على ثلاثين قانوناً يسمح من خلالها بصورة مباشرة أو غير مباشرة بمصادرة الأراضي الفلسطينية في الداخل “اسرائيل”, والتي ادت الى حصر الشعب الفلسطيني في الداخل “اسرائيل” في بقع صغيرة من اراضيه وتطويقة بالمستوطنات من جميع الجهات وهذا لا يقتصر على بلد واحدة بل ان كل قرية او مدينة فلسطينة داخل الخط الاخضر محاطة بمستوطنات صهيونية.
كان معدل مجموع الأرض التابعة للفرد الواحد في اسرائيل يزيد على ثلاثة عشر دونماً للفرد الواحد في سنة 1948، أما الأن فلا يزيد على 400 متر مربع للفرد الواحد.
النضال ضد مصادرة الأراضي
بدأ النضال ضد مصادرة الأراضي منذ دخول قوات الهاجاناه الى القرى العربية وفرض الحكم العسكري البغيض على الجماهير العربية. وامتزج النضال ضد الحكم العسكري، بالنضال ضد مصادرة الأراضي وضد
قانون الجنسية وممارسات الحكم العسكري القمعية وضد سياسة التمييز العنصري والاضطهاد القومي. ولا بد من الاشارة الى أن الكتلة الشيوعية في الكنيست منذ الكنيست الأولى عام 1949، قامت بدور هام في فضح أعمال الحكومة العنصرية أمام الرأي العام الداخلي والعالمي، وضد سياستها العنصرية.
وكانت بداية النضال في القرى العربية، حيث وقع على عرائض وأرسلت وفود تطالب بحرية الوصول الى الأرض لفلاحتها والسماح للاجئين بالعودة الى قراهم المهجورة.
وفي نيسان 1952 عقد مؤتمر ضد قانون الجنسية العنصري، وفي هذا المؤتمر اتخذت قرارات أيضاً ضد مصادرة الأراضي العربية ومن أجل عودة اللاجئين الى قراهم والفلاحين الى أراضيهم.
وفي 25 نيسان 1953 وبدعوة من لجنة الدفاع عن حقوق الأقلية العربية عقد في سينما ماي في حيفا مؤتمر يهودي عربي ضد قانون الاستيلاء على الأراضي “لحاجات التحسين والاستيطان والأمن”.
وقام في بداية آب 1953 وفد كبير مؤلف من 80 شخصاً يمثلون فئات السكان العرب في اسرائيل وبقيادة لجنة الدفاع عن حقوق الأقلية العربية بالاجتماع بالكتل البرلمانية في الكنيست ولجنة الكنيست، وطرح أمامها قرارات مؤتمر حيفا وطالب بتحقيقها.
في 53/9/29 عقد اجتماع كبير في قاعة المكابي في حيفا بدعوة من عصبة الدفاع عن حقوق الأقلية العربية. واتخذت في هذا الاجتماع قرارات ضد التحريض العنصري ضد الجماهير العربية وضد سياسة الاضطهاد القومي ومصادرة الأراضي العربية ونسف القرى العربية (هدمت كفربرعم وأم الفرج في هذا الوقت). وكان قد جرى تحضير لهذا المؤتمر بعقد سلسلة من الاجتماعات في القرى العربية بدعوة من الحزب الشيوعي الاسرائيلي.
وعقد في الناصرة في 55/10/24 مؤتمر الفلاحين العرب، وحضرت وفود من 22 قرية ومن الناصره وحيفا، وهي كفركنا والرينه وطرعان والمغار وشفاعمرو وعبلين وطمره وكابول وسخنين وعرابه وديرحنا واكسال ودبوريه وكفرياسيف وأبو سنان والرامه ويافة الناصرة والمكر وعيلوط وسولم وجديده وعيلبون.
وعالج المؤتمر مشاكل المزارعين العرب وطالب بارجاع الأراضي المصادرة الى أصحابها وتقرر تأليف لجنة عامة للفلاحين وارسال وفد الى الكنيست.
قرارات سبقت اعلان اضراب يوم الارض عام 1976
صدور قرار باغلاق منطقة المل (منطقة رقم 9) ومنع السكان الفلسطينين من الدخول اليها في تاريخ 13\2\1976
صدور وثيقة متصرق لواء الشمال في وزارة الداخلية (وثيقة كيننغ) 1\3\1976 : (تستهدف افراغ الجليل من اهلة الفلسطينين الاستيلاء على اراضيهم وتهويدها. قدمت الوثيقة كتوصيات للحكومة وتم اختيار عنوان لها وهو “مشروع مذكرة معاملة عرب اسرائيل”. وثيقة كيننغ العنصرية تضم ايضا منطقة النقب. بالاستيلاء على ما تبقى لهم من اراضي زراعية, محاصرتهم اقتصاديا واجتماعيا وتوجيه المهاجرين الجدد من اليهود للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب). كاقتراح لتهويد الجليل واتخاذ اجراءات سياسية ازاء معاملة الاقلية الفلسطينية في الداخل “اسرائيل”.
اعلان الاضراب –حاولت السلطة “الإسرائيلية” كسره عن طريق التهديد بقمع المظاهرات والعقاب الجماعي. على اثر ذلك عقدت الحكومة اجتماع استمر 4 ساعات تقرر فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن الفلسطينية كرد على المظاهرات. اما الهستدروت فقامت بتحذير العمال وتهديدهم بالطرد من العمل اذا شاركوا في الاضراب. اما وزارة المعارف فقد بعثت بتهديد الى المدارس الفلسطينية لمنعها من المشاركة في الاضراب.
بدأت الاحداث في دير حنا يوم 29\3\1976 بمظاهرة شعبية فقمعت بالقوة. على اثر ذلك خرجت مظاهرة احتجاجية في عرابة فكان الرد اقوى حيث سقط خلالها الشهيد خير ياسين وعشرات الجرحى. انتشر خبر الاستشهاد فبدأت دائرة المظاهرات تتسع الى ان وصلت كل القرى والمدن الفلسطينية وسقط خلال اليوم الاول والثاني 6 شهداء:
خير ياسين – عرابة.
رجا ابو ريا – سخنين.
خضر خلايلة – سخنين.
خديجة شواهنة – سخنين.
محسن طه – كفر كنا.
رأفت الزثيري – عين شمس.
اهم بنود وثيقة كيننغ:
تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال فلسطين (الجليل).
إقامة حزب عربي يعتبر “أخا” لحزب العمل ويركز على المساواة والسلام.
رفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الامور العربية.
ايجاد اجماع قومي يهودي داخل الاحزاب الصهيونية حول موضوع العرب في “اسرائيل”.
التضيق الاقتصادي على العائلة الفلسطينية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل وتخفيف نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ.
تسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب الى خارج البلاد ومنع عودتهم اليها.
المراجع
سليم واكيم, قوانين المصادرة الإسرائيلية للأراضي العربية, مجلة كنعان العدد الخامس, أيلول 1991.
دار الشرارة للنشر, الهجرة, الاستيطان والمصادرة-مخاطر تهدد الوجود العربي داخل إسرائيل. 1991.
مواقع انترنت
المؤسسة العربية لحقوق الإنسان- www.arabhra.org
لجنة الأربعين- www.assoc40.org
عدالة- www.adalah.org
المركز العربي للتخطيط البديل- www.ac-ap.org