Home المطبوعاتآراء تداعيات محاضرة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر – بيت لحم

تداعيات محاضرة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر – بيت لحم

29 ايلول 2006

by mPeNDayu
200 views

ايها الاخوة والاخوات مع حفظ الالقاب،

أنتهز هذه المناسبة الدينية الرفيعة لأتمنى لجميع الاخوة الصائمين صوما مباركا يقربهم ويقربنا معهم الى الله عزل وجل. والصيام ركن اساسي في الاسلام و المسيحية ولو اختلفت اساليبه لانه وسيلة وعلامة للتوبة والرجوع الى الله والتكفير ومدعاة للصدقة وممارسة الزكاة نحو الفقراء والمساكين.

وما اجمل هذا الصيام الذي جمعنا كعائلة واحدة ليس فقط لتناول طعام الافطار ولكن للمشاركة والتفكير الهادىء الرصين في تداعيات محاضرة قداسة البابا في Regensburg.

أؤكد كمسيحي فلسطيني اعرف الاسلام والمسلمين بأن الاقتباس الذي قام به البابا من كاتب من القرن الرابع عشر هو غير موفق وغير مناسب للاسباب التالية:

1) الاقتباس مأخوذ من كتاب هو في جدلية قوية بين امبراطور بيزنطي ورجل فارسي مسلم غير معروف الهوية. و لم يكن من المناسب ان يعود قداسة البابا الى اجواء ومناخ ذلك الزمن الذي كان فيه صراع مرير بين البيزنطيين و المسلمين.

2) بالرغم من أن البابا اخذ مسافة من الاقتباس بوصفه بالفظاظة المدهشة (Startling brusqueness ) الا أن قوة الاقتباس وعنفه كان يتطلب أن يأخذ منه مسافة اكبر وان يقول صراحة بأنه لا يوافق على مضمونه الامر الذي قام به لاحقا ولِ 4 مرات.

3) لان الاجواء اليوم هي مشحونة وبحاجة الى تلطيفها وليس الى زيادة شحنها.

4) مارست المسيحية القوة بإسم الدين في الحروب الصليبية، وبقدر ما صدمت شخصيا كيف يقوم البابا بمثل هذه الاقتباس، اعجبت بتواضعه المتكرر عندما اسرع بالتعبير عن اسفه لما حدث وبالتاكيد بأن النص لا يعبر عن رأيه الشخصي ولا عن رأي الكنيسة الكاثوليكية. وامام هذا التواضع الذي يليق بالعظماء قرر رؤساء الوفود الاسلامية التي حضرت لقاء تضمن محاضرة علمية راقية حول علاقة الدين بالعقل والدين بالعنف يوم الاثنين الماضي، قرروا بأن اسف البابا كاف وانه يجب ان نطوي صفحة ونفتح صفحة جديدة في الحوار الاسلامي المسيحي.

وبهذه المناسبة اريد أثني بأسم اخواننا على الموقف الرسمي للسلطة الوطنية وللرؤساء الدينيين الذي اوصوا بإحترام المسيحيين في فلسطين وبالامتناع عن اية مظاهر عنفية. ونعتبر ما حدث في بعض المدن الفلسطينية بأنه موضوع ناتج عن تصرفات غير مسؤولة وطائشة من اقلية تريد بث الفتنة ولا ننسبها للاسلام الذي نعرفه وعشنا معه منذ 13 قرن وكنا مثالا في العيش المشترك.

ومثالا على التصرفات الطائشة، اذكر الراهبة Leonella التي قتلت في الصومال اثناء موجة العنف التي لحقت محاضرة البابا. الراهبة كانت مرسلة الى الصومال، قتلها شاب مسلم عن بغض ديني ولكنها قبل موتها سامحته. فضربت مثلا في التسامح الديني الذي نحن بحاجة اليه.

قبل التعمق في التداعيات السلبية و الايجابية اريد ان اؤكد ما يلي:

1) قبل سقوط الشيوعية في الثمانينيات كان هنالك 3 محاور كبرى: الشيوعية، الغرب والدول غير المنحازة (معظمها). بعد سقوط الشيوعية صار هنالك قطبان الغرب و الاسلام.

التاكيد ان الغرب يساوي المسيحية وان المسيحية تعني الغرب امر غير صحيح. صحيح ان كان للكنيسة دور كبير في الغرب ولكن ذلك لم يعد اليوم. فاوروبا علمانية والدين مفصول عن الدولة.

لا نستطيع اذا الدمج بين الغرب والكنيسة، لا بل وحدث انشقاق بين الغرب والكنيسة في عدة محاور واعطي امثلة على ذلك:

– رفض المجموعة الاوروبية ادخال اشارة الى التراث المسيحي في اوروبا ولا حتى الى ذكر الله بحجة الفصل بين الكنيسة والدولة.

– كان للفاتيكان مواقف مخالفة للغرب بخصوص :

1. حرب العراق

2. القضية الفلسطينية: دولتان،القدس عاصمة الدولة الفلسطينية
الفاتيكان هو اول من استقبل الرئيس عرفات في الوقت الذي اعتبره الغرب بأنه ثائر ارهابي.

لذا لا يمكن ان ننسب الى المسيحيةكل ما يرتكبه بوش او بلير او غيرهما من اعتداءات في الشرق الاوسط او الدول الاسلامية.

– حادث رفض بوش استقبال الكاردينال Pio Laghi مندوب البابا يوحنا بولس للتكلم معه عن منع حرب العراق.

– الكنيسة الكاثوليكية في امريكا لها مواقف من القضية الفلسطينية تختلف عن الادارة الامريكية.

– استنكر الفاتيكان الرسومات التي مست يالرسول الكريم. الغرب ايضا يسيء الى شخص المسيح.

2) الجو الاسلامي المسيحي مشحون قبل وبعد 11 ايلول. زاد العداء للاسلام في الغرب بعد 11 ايلول كما زاد عداء الاسلام للغرب. ولكن ل 11 ايلول سوابق وملاحق:

قبله: حرب افغانستان والقضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي للجولان. ونتج عن 11 ايلول غزو العراق والتلويح بالتهديد لايران وسوريا.

3) المسيحية و الاسلام هما اكبر ديانتين ومفروض ان يتعاونا معا. وهما متفقتان على امور كثيرة ولكن يجب جعل الحوار اقل شكلية اكثر عمقا وصدقا واكثر تواضعا.

العنف والدين:

مع الاسف ارتبط العنف بالدين شرقا و غربا ولا يوجد طرف بريء. فالغرب مارس العنف بإسم الدين اثناء الحروب الصليبية وكان هنالك الاستعمار وما بعد الاستعمار من نتائج.

لا اريد ان اتكلم عن المآخذ التي يتهمها الغرب للمسلمين بإستعمال العنف من قبل جماعات متطرفة مثل القاعدة وابو سياف والزرقاوي وغيرهم كثيرين.والاسلام نفسه يعاني داخاليا من استخدام العنف في العراق والباكستان وافغانستان.

الحوار الثقافي والديني:

بحاجة الى تعميق والا فنحن صائرون الى صراع ثقافي زحضاري وديني نحن في غنى عنه.

نقطتان للتعاون:

– التفاهم حول مفهوم الحرب المقدسة والجهاد و الفتوحات.

– احترام حرية العبادة والضمير.

اذا كانت هذه المحاضرة مناسبة لاعادة النظر في تعميق الحوار. فإن زلة اللسان في محاضرة Regensburg كانت مفيدة.

وشكرا لكم…..

 

Related Articles