Home المطبوعات كلمة د. ذياب عيوش في “الصـوم فـي المسيحيـة والإسـلام”، مركـز التـراث الشعبـي- مقر الديوان، دار دكرت – بيـت ساحـور

كلمة د. ذياب عيوش في “الصـوم فـي المسيحيـة والإسـلام”، مركـز التـراث الشعبـي- مقر الديوان، دار دكرت – بيـت ساحـور

الخميس 22/3/2007 كلمة د. ذياب عيوش

by mPeNDayu
212 views

 

بالتعـاون مـع مركـز التـراث الشعبـي- مقر الديوان، دار دكرت في بيـت ساحـور

“الصـوم فـي المسيحيـة والإسـلام”

الخميس 22/3/2007

 

كلمة د. ذياب عيوش

 

معنى الصوم ومكانته في الإسلام

أركان الصوم في الإسلام

الإطار الزمني للصوم

على من يجب الصيام من المسلمين

المسلمون المعفون من الصيام

أقسام الصوم في الإسلام

المعنى الروحي للصوم في الإسلام

الفرق بين صيام المسلم وصيام غير المسلم

توصيات مهمة

مراجع الدراسة

معنى الصوم ومكانته في الإسلام

الصوم عبادة قديمة فرضها الله سبحانه على أمة الإسلام كما فرضها على الأمم السابقة. وهذا ما دلّت عليه الآية الكريمة:

“يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. (2: 183)

والصوم في الإسلام يعني الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس تعبدا لله وتقربا إليه. كما يعني كف الجوارح عن جميع الآثام والمعاصي فهو بذلك عبادة روحية وجسدية ترتقي بالإنسان في صحته وروحه وقلبه، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يقوم إلا بها ولا يتم إلا بها وهي: الصوم، والصلاة، والحج، والزكاة، والشهادتين.

جاء في الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي (صلعم) قال: “بني الإسلام على خمس على أن يوحّد الله، واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج “.

وإضافة إلى هذا، فقد بين رسول الله (صلعم) فضل الصيام في سبيل الله على غيره من العبادات، وفضل شهر الصيام على غيره من الشهور؛

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلعم) : قال الله عز وجل؛ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فانه لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صيام أحدكم، فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب، فان سابه أحد، أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه،أن رسول الله (صلعم) قال: ” إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلّقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين”.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلعم): ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا”.

أركان الصوم

للصوم أربعة أركان منها اثنان أساسيان واثنان مساندان. وهذه الأركان هي على التوالي بدءا بالركنين الأساسيين:

(1) النيّة، وينبغي تجديدها في كل ليلة تسبق الصيام لأنها عبادة تسقط كل يوم.

(2) الإمساك عن المفطرات من طعام وشراب وجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

(3) إكمال الصيام. فمن أكل بعد الفجر معتقدا أن الفجر لم يبدأ فسد صومه وعليه القضاء، وكذلك من اعتقد بحلول المغرب ولم يكن قد حل فصومه فسد وعليه القضاء.

(4) الثبوت في الإسلام وتجنب الوقوع في الكفر بأنواعه الثلاثة:

أ – الكفر الاعتقادي كمن يعتقد أن الله جسم أو ينكر فريضة الصلاة أو الصوم

ويستحل أكل أو شرب المحرمات في الإسلام.

ب – الكفر القولي (اللفظي) كمن يسب الله أو نبيا أو ملكا من الملائكة أو يستهزئ

بالصيام أو الصلاة أو أحكام الدين.

ج – الكفر الفعلي كرمي المصحف في القاذورات.

الإطار الزمني للصوم

إضافة إلى ما ذكرناه عن توقيت الصيام الذي يمتد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فقد حدد القرآن الكريم الإطار الزمني للصيام واستثناءاته وذلك في الآية الكريمة:

” أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوّع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون”. (2 :184)

وزيادة في توضيح هذه الأيام المعدودات نزلت الآية التالية لها لتقول للناس:

” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون”. (2 : 185)

ونظرا لمعرفة الله سبحانه المسبقة بطبيعة الخلق وغرائزهم الطبيعية، وتوضيحا لبعض الأحكام والفرائض والشروط ومبطلات الصوم للصائمين الذين ربما اعتادوا هم وغيرهم على سلوك غير مقبول في الإسلام قال تعالى:

” أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون”. (2 :187)

على من يجب الصوم من المسلمين؟

صوم رمضان فرض عين (إجباري) على كل مسلم ومسلمة، ذكر أو أنثى، إذا كان يملك الصفات الآتية:

(1) أن يكون سليم العقل. وهذا يعني أن يكون عاقلا وقادرا على الصوم.

(2) أن يكون قد بلغ سن البلوغ أو سن الرشد والذي هو عادة حوالي 14 سنة. أما الأطفال في سن أدنى فينبغي تشجيعهم على ممارسة الصوم عند المستويات البسيطة، وبذلك فإنهم عندما يبلغون سن الرشد سيكونون مستعدين نفسيا وبدنيا لممارسة الصيام.

(3) أن يكون مستقرا أو موجودا في منطقة سكنه الدائم أي بلد المقر. وهذا لا يعني أن يكون مسافرا في رحلة لخمسين ميلا أو أكثر.

(4) أن يكون متأكدا أن الصيام لا يسبب له أي أذى، جسمي أو عقلي، غير ردود الفعل العادية مثل الشعور بالجوع أو العطش…الخ.

المسلمون المعفون من الصوم؟

لما كان الإسلام دين الوسطية الذي يجمع بين اهتمامات الدنيا واهتمامات الآخرة، ولما كان الله سبحانه رؤوفاً بعباده ولا يكلّف نفسا إلا وسعها، فقد وسعت حكمته أن يعفي بعض عباده المسلمين إعفاء تاما أو مؤجلا أو مفتديا. وهؤلاء المعفون من الصوم هم:

(1) الأطفال دون سن التمييز أو دون سن البلوغ.

(2) المتخلفون Insane الذين لا يحاسبون على أعمالهم.

(والأفراد من هذين الصنفين مستثنيين من واجب الصيام ولا يفرض عليهم تعويض أو فدية).

(3) كبار السن من الجنسين غير القادرين على تحمل أعباء الصوم، ولكن على كل منهم

إطعام مسكين على الأقل عن كل يوم أو تقديم طعام يوم لمسكين. هذا يعني أنهم يعفون من أي يوم يصومونه ولكن عليهم أن يدفعوا أو يطعموا عن كل يوم لا يصومون في طوال شهر رمضان.

(4) المرضى الذين لا يطيقون الصيام. فهؤلاء يمكنهم تأجيل الصيام ما داموا مرضى حتى يشفون من المرض ويعوضوا يوما بدل كل يوم صيام.

(5) المسافرون لخمسين ميلا أو أكثر. هؤلاء يمكنهم الإفطار أثناء السفر وتعويض أيام الإفطار فيما بعد. ولكنهم مع ذلك منصوحون في القرآن الكريم بالاستمرار في الصيام ما داموا قادرين على ذلك بدون صعوبات.

(6) المرأة التي تنتظر مولودا أو المرأة المرضعة يمكن أن تكسر الصيام إذا كان الصيام يضر بصحتها أو صحة أطفالها. ولكن عليها قضاء الأيام التي أفطرتها بالصيام عن كل يوم.

(7) المرأة في فترة الحيض (حوالي عشرة أيام كحد أعلى) أو في فترة النفاس (حوالي أربعين يوما) فهي ليس مسموحا لها بالصوم في هاتين الفترتين حتى لو كانت قادرة على ذلك وراغب فيه. عليها تأجيل الصيام ثم التعويض في الوقت المناسب بعد ذلك.

وهنا يوجد ملاحظة مهمة وهي أن تطبيق هذه الأمور إنما يؤخذ به في طاعة الله،

وطاعة أوامره، ومحبته).

(8) المقاتل الذي يفطر عند مواجهة العدو حفاظا على القوة.

عن أبي سعيد الخدري قال: سافرنا مع رسول الله (صلعم) إلى مكة ونحن صيام، فنزلنا منزلا، فقال رسول الله (صلعم): ” إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم”، فكانت رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: ” إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم، فافطروا”. وكانت عزمة فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله (صلعم) بعد ذلك في السفر.

أقسام الصوم في الإسلام

اتفق العلماء على أن الصيام في الإسلام ينقسم إلى أربعة أقسام وهي:

(1) الصيام المفروض، ويشمل:

أ. صوم رمضان أداء وقضاء.

ب. صوم الكفارات.

ج. صوم النذر.

(2) الصيام المسنون، ويتضمن:

أ‌. صوم التاسع والعاشر من شهر محرم (تاسوعاء وعاشوراء).

ب‌. صوم عرفة لغير الحاج الواقف في عرفة.

عن أبي قتادة، قال (صلعم): صوم يوم عرفة يكفّّّّّر السنة الماضية والحالية.

ت‌. صوم ستة أيام من شوال.

قال أبو أيوب الأنصاري أن الرسول محمد (صلعم) قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان له كصيام الدهر.

ث‌. صوم الخميس والاثنين من كل أسبوع.

عن أبي هريرة عن النبي ( صلعم ) قال: تعرض الأعمال كل اثنين وخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم.

وفي حديث آخر عن أبي قتادة: أن رسول الله (صلعم) سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: “فيه ولدت، وفيه أنزل علي”.

ج‌. صوم ثلاثة أيام من كل شهر وهي 13، و 14، و 15. وتسمى الأيام البيض، وسميت

كذلك لتكامل ضوء الهلال وشدة البياض.

عن أبي هريرة قال:أوصاني خليلي رسول الله ( صلعم ) بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.

(3) الصيام المحرم، ويشمل:

أ‌. صيام يومي الفطر والأضحى. عن أبي سعد الخدري قال: نهى رسول الله (صلعم) عن صوم يوم الفطر ويوم النحر.

ب‌. صيام أيام التشريق، وهي الأيام التي تعقب عيد الأضحى المبارك. وسميت أيام التشريق لأن الحجاج يشرقون فيها لحوم الأضاحي أي ينشرونها ويعدونها ولا يجوز صيامها.

عن نبيثة الهذلي قال: قال رسول الله (صلعم): “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله”.

ت‌. صيام يوم الشك.

عن أبي ياسر عن النبي (صلعم) أنه قال: من صام اليوم الذي يشك فيه عصا أبا القاسم.

ث‌. صيام المرأة للنوافل بدون إذن زوجها.

ج‌. صيام الحائض والنفساء أداء، أو قضاء، أو نافلة.

(4) الصيام المكروه، ويشمل:

أ‌. صيام يوم الجمعة منفردا.

عن أبي هريرة عن النبي (صلعم) أنه قال: لا يصوم أحدكم يوم الجمعة ألا أن يصوم قبله أو يصوم بعده.

ب‌. صيام يوم السبت في النوافل لأنه تشبّه باليهود.

ت‌. صوم يوم أو يومين قبل رمضان.

ث‌. صوم عاشوراء بدون تاسوعاء لأنه تشبّه باليهود.

ج‌. صوم الدهر.

ح‌. صوم الوصول وهو مواصلة الإمساك ليلا ونهارا في بعض الأيام.

خ‌. صوم الصمت، أي الإمساك عن الطعام والكلام لأن هذا تشبّه بالمجوس.

المعنى الروحي للصيام في الإسلام

إننا إذا اقتصرنا المعنى الإسلامي للصيام على التعريف الحرفي الذي قدمناه له في البداية، فإننا لا نفيه حقه، كما أننا سنوقع أنفسنا في خطأ تغييب صفة الشمولية والحكمة من الصيام الواجب إبرازهما حتى يتكامل المعنى بما يتناسب مع مكانة هذه الفريضة الإلهية. فعندما أدخل الإسلام هذا النمط من الصيام الفريد من نوعه، إنما غرس شجرة خالدة لفضيلة لا متناهية، وثمرة نفيسة Invaluable. ولهذا ربما يكون ضروريا ومهما ملاحظة أوجه التكامل بين الجوانب المادية والجوانب الروحية للصيام في الإسلام، من خلال بيان الإضافات الروحية الآتية التي يتضمنها مفهوم الصيام في الإسلام:

(1) انه يعلم الإنسان مبدأ الحب الصادق؛ لأنه عندما يمارس الصوم إنما يفعل ذلك بسبب الحب العميق لله. والإنسان الذي يحب الله مخلصا له هو الإنسان الذي يعلم بحق ما يعنيه الحب.

(2) انه يسلّح الإنسان بشعور عميق من الأمل وبنظرة تفاؤلية للحياة؛ لأنه عندما يصوم إنما يأمل من ذلك مرضاة Please الله ويطلب رحمته Grace.

(3) انه يغرس في الإنسان المعنى الحقيقي للتقوى والإخلاص للخالق والتقرّب منه؛ لأنه عندما يصوم إنما يصوم لله ولمرضاة الله وحده.

(4) انه يغرس في الإنسان ضميرا يقظا وقويما: لأن الشخص الصائم يحافظ على صيامه بالسر والعلن. ففي الصوم لا يوجد سلطة وضعية لفحص سلوك الشخص أو إجباره على الصيام.انه يحافظ على صومه ليرضي الله ويرضي ضميره بأن يكون مخلصا لله في السر والعلن. ليس هناك طريق أفضل لغرس الضمير الحي في الإنسان.

(5) انه يشرّب Indoctrinates الإنسان الصبر والايثارية، لأنه عندما يصوم يشعر بآلام الحرمان ولكنه يبقى صابرا عليه.

(6) انه درس فعلي في الاعتدال التطبيقي وقوة الإرادة؛ فالشخص الذي يمارس الصوم بطريقة سليمة هو بالتأكيد الإنسان الذي يستطيع ضبط رغباته العاطفية ويضع نفسه فوق الإغراءات المادية.

(7) انه يمنح الإنسان روحا شفافة، وعقلا صافيا، وجسما رشيقا للحركة والفعل.

(8) انه يفتح للإنسان طريقا جديدا للتوفير الحكيم والادخار: لأن الإنسان عندما يأكل كميات قليلة من الطعام ووجبات أقل فانه يصرف نقودا أقل وجهدا أقل. ولهذا فشهر رمضان عند العقلاء هو فصل روحي من الاقتصاد المنزلي ووضع الميزانية.

(9) انه يساعد الإنسان على ممارسة فن “التكيّف التام”. ونفهم هذه النقطة عندما ندرك أن الصوم يغير دورة حياته اليومية.

(10) انه يؤسس الإنسان في نظام وحياة صحية؛ فعندما يمارس الإنسان دورة من الصيام في أيام متعاقبة من الشهر المبارك وفي الشهور المحرمة للسنوات المتعاقبة، إنما يضع نفسه في صورة رفيعة من الانضباط والنظام العام.

(11) انه يغرس في الإنسان الروح الحقيقية للانتماء الاجتماعي، والوحدة، والأخوة، والمساواة أمام الله وأمام القانون. فهذه الروح هي نتاج طبيعي لحقيقة أنه عندما يصوم الإنسان يشعر أنه يشارك المجتمع الإسلامي ككل في ممارسة الواجب أو الفرض ذاته وبنفس الأسلوب وفي نفس الوقت ولنفس الدوافع ولنفس الأهداف.

(12) انه فرض الهي أو وصفة إلهية Prescriptionلإعادة الثقة بالنفس والانضباط الذاتي للحفاظ على الكرامة الإنسانية والحرية والنصر والسلام. فهذه النتائج لا يمكن أن تفشل لإظهار ذاتها كحقيقة واقعة في قلب الشخص الذي يعرف كيف يحافظ على الصوم.

الفرق بين صيام المسلم وصيام غير المسلم

عند ما ندرس ظاهرة الصيام لدى الأمم المختلفة في الماضي والحاضر نجد فروقا تساعد على تمييز طبيعة هذه الظاهرة وطريقة ممارستها لدى تلك الأمم. ويمكن الإشارة إلى هذه الفروق بين صوم المسلم وصوم غير المسلم كما يراها الباحثون المسلمون بالآتي:

(1) في الديانات والعقائد والفلسفات الأخرى، يمتنع الصائم عن أنواع معينة من الطعام والشراب، ولكنه يكون حرا في تناول بدائل لها وملء معدته. أما في الإسلام فالمسلم الصائم يمتنع عنها جميعها ليستمتع روحيا وينتعش معنويا وأخلاقيا.

(2) الغرض من الصيام في الديانات والفلسفات الأخرى هو غرض جزئي؛ فهو إما لأغراض روحية، أو لحاجة بدنية، أو لأسباب فكرية ولم تكن لهذه الأغراض معا. ولكن الصيام في الإسلام إنما يخدم هذه الأغراض كلها كما يخدم أغراضا أخرى كثيرة في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والإنسانية الخاصة والعامة، الشخصية والجماعية، المحلية والخارجية.

(3) الصوم غير الإسلامي لا يتطلب أكثر من امتناع جزئي عن بعض الحاجات المادية، ولكن النموذج الإسلامي للصوم يصحبه زيادة في العبادة والتقوى، وزيادة في الصدقة وتلاوة القرآن، وزيادة في المخالطة الاجتماعية والحيوية، زيادة في الانضباط الذاتي وصحوة الضمير. وبذلك يحس الإنسان المسلم في شهر الصيام كأنه إنسان متغير تماما. فهو طاهر ونظيف من الداخل والخارج، وروحه مفعمة بالشفافية لأنه يشعر أنه يقترب من الكمال لأنه أصبح أكثر قربا من الله.

(4) وهناك من يرى أن الديانات والفلسفات الأخرى تعلم الإنسان أنه لا يستطيع بلوغ أهدافه الأخلاقية Moral، أو دخول مملكة الله ما لم يخرج ذاته من أرومة Stem شؤون الدنيا. ووفق ذلك، يصبح ضروريا لإنسان كهذا أن يهجر مصالحه الدنيوية، وينسى مسؤولياته الإنسانية ويلجأ إلى تعذيب الذات أو إلى التمسك الشديد الذي يشكل الصوم جزءا أساسيا فيه. وصيام من هذا النوع يمكن أن يستعمل ذريعة لتغطية الانسحاب المذل من الدورة الاعتيادية للحياة.

(5) وخامسا وأخيرا يعتبر الصوم الإسلامي ظاهرة فريدة.

توصيات

أوصانا محمد عليه السلام أن نلاحظ الممارسات الآتية وخاصة خلال شهر رمضان ومن أهمها:

(1) تناول وجبة خفيفة في السحور (تسحروا فان في السحور بركة)

(2) أن نأكل ثلاث حبات من التمر ونشرب ماء بعد غروب الشمس ونقول: اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا وعليك توكلنا وبك آمنا ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله.

(3) أن نجعل وجبات طعام الإفطار خفيفة قدر الإمكان. يقول الرسول (صلعم): إن أسوأ شيء (فيما يتعلق بمسألة الطعام والشراب) هو ملء المعدة (المعدة بيت الداء).

(4) أن نصلي التراويح، وهي ليست واجبة في غير رمضان.

(5) تبادل الزيارات الاجتماعية أثناء رمضان وتقديم خدمات إنسانية لمحتاجيها.

(6) الإكثار من قراءة القرآن والتفكير بما جاء فيه.

(7) أن نحتفظ بقدر كبير من الصبر والتواضع.

(8) الحذر الشديد من استخدام الحواس وخاصة اللسان، وأن نمتنع عن القال والقيل والمغيبة والنميمة واللامبالاة.

مراجع مختارة

(1) القرآن الكريم

(2) مختصر صحيح مسلم

(3) نائلة صبري، المبصر لنور القرآن، المجلد الأول، الجزء1و2و3، القدس الشريف، 1997م

(4) أحكام الصيام في شهر الإحسان، موقع أهل السنة والجماعة،

http://www.sunna.info/lessons/Islam_1013.html

(5) Hammudah Abdalati, Islam in Focus, American Trust Pub., Washington st., 1975, pp. 87-94

 

Related Articles